للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مخطوطاتها بخط يده، واستخرج منها الكثير من الأحاديث بأسانيدها من مخطوطاتها، فجمع الطرق، وحكم على الأسانيد، وأودعها في "سلسلتيه": "الصحيحة"، و "الضعيفة"، ضمن مشروعه الضخم: تقريب السنة بين يدي الأمة، الذي أفنى عمره في العمل فيه، وألف فهرسًا سماه "المنتقى من مخطوطات المكتبة الظاهرية"، ولهذا الفهرس سبب ظريف، انظر له مقدمة "المنتقى".

ومن كتبه التي ألفها لتقريب السنة بين يدي الأمة كتابه العظيم: "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - … "، بين فيها هديه - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وعرَّج على الأخطاء والمنهيات التي يقع فيها المصلين، وقد سمعت من أحد إخواننا - وهو الأخ: باسم محمد - أنه قال للشيخ - رحمه الله - وهو معه في السيارة: لم يؤلف مثل هذا الكتاب منذ مئة سنة؟ فقال الشيخ - رحمه الله -: ولا منذ ألف سنة.

وقد قال - رحمه الله - في آخر "أصل صفة الصلاة" (٣/ ١٠٤١): " … وإني أرجو الله تعالى أن يبارك لي في عمري، ووقتي، ويوفقني أن أجمع كل ما يتعلق بالصلاة، وكذا الطهارة؛ مما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -، في أجزاء خاصة، سهلة التناول والترتيب، بعيدة عن الحشو والتعقيد، إنه تعالى سميع مجيب".

أما الصلاة فكتب فيها فأفاد وأجاد - رحمه الله -، وأما الطهارة فلم يقدر له تصنيف كتاب مفرد فيها، لكن أفرد لها بابًا في "الثمر المستطاب" (١/ ٥ - ٥٠).

ومنها: "أحكام الجنائز"؛ بين فيه الأحكام المتعلقة بالمريض، من وصية وغيرها، حتى وفاته، ثم بين كيفية التعامل معه، من قضاء دين، وتغسيل، وتكفين، ودفن، وحذَّر - رحمه الله - من البدع التي تقع عند الناس في هذه الحالات، وما هي السنة فيها، فكان عظيمًا في بابه - كحال جميع مؤلفاته رحمه الله -، فهو يلتمس ويتحسس حاجة الناس العملية في أمور دينهم ودنياهم، حتى يكونوا على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع أمور حياتهم.

وقد أحيا - رحمه الله - كثيرًا من السنن التي أميتت، منها:

صلاة العيدين في المصلى، وذلك بتأليف كتاب في هذا، يحمل الاسم نفسه، بين فيه أن السنة أن تصلى في المصلى خارج البلد، وأن الخطبة فيها بعد الصلاة، وأن من أراد الانصراف بعد الصلاة، ولم يحضر الخطبة لا حرج عليه، وأنها خطبة واحدة، دون إخراج المنبر فيها.

ومنها: خطبة الحاجة؛ التي تكون بين يدي خطبة الجمعة، أو خطبة النكاح، أو غير ذلك من الحاجات، وذلك بتأليف رسالة فيها سماه: (خطبة الحاجة).

وغير هذا من كتبه التي أفادت الناس، وبينت لهم سننًا كانت ميتة، أو مهجورة.

وعليه فإنه يعد بحق مجدد هذا العصر الذي لا يماري فيه إلا كل مبغض حسود، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجمعنا وإياه مع نبينا - صلى الله عليه وسلم - {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}.

ولا أريد هنا التعرض لسيرة حياته، أو الحديث عنه؛ فقد كفاني الكثير ممن كتب عنه - رحمه الله -، لكني حاولت في هذا الكتاب، أن أتحسس خطواته في خدمة هذه الأمة، وأن أرمي بسهم مع سهامه،

<<  <   >  >>