للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومائة من الهجرة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صدر أي: إذا طاف البيت (ق ٥٥٥) بطواف الصدر المسمى بطواف الوداع ورجع من الحج أو العُمْرَة أناخَ بنون وألف وخاء معجمة، أي: برك وأقعد راحلته على أربع قوائمة بالبطْحَاءِ وهو في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصبا، ولذا وصفه بقوله التي بذي الحُلَيْفَة، احترازًا عن البطحاء التي بين مكة والمدينة فَيُصَلِّي بها أي: حمد الله تعالى ويُهَلِّل، أي: كما سبق في الباب الذي تقدم.

قال الزرقاني (١): وليس هذا من مناسك الحج، وإنما يؤخذ منه أماكن نزوله - صلى الله عليه وسلم - ليتأتى به فيها؛ إذ لا يخلوا شيء من أفعاله عن حكمة وأيضًا لطلب فعل ذلك الموضع، لما في الصحيحين: عن سالم عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أري بذي الحليفة، فقيل له: إنك ببطحاء مباركة (٢) انتهى. قال: أي: نافع وكان وفي نسخة: فكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك أي: مثل فعله - صلى الله عليه وسلم - وفيه تنبيه على أنه مستحب لأهل المدينة أنهم ينزلون في ذي الحليفة ذهابًا وإيابًا، وينبغي أن يكون كذا أمر غيرهم ولعل فائدة هذا لحوق السابق من الرفقة وزيادة المتعة حال الرجعة بشيوع خبر الوصلة، وهذا الحديث مشتمل على الصدر اللغوي بخلاف قوله.

* * *

٥١٧ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب قال: لا يَصْدُرَنَّ أحدٌ من الحاجّ حتى يطوفُ بالبيت، فإنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بالبيت.

قال محمد: وبهذا نأخذ، طوافُ الصَّدَر واجِبٌ على الحاجّ، ومن تركه فعليه دَمٌ، إلا الحائض والنُفساءَ فإنها تَنْفِر ولا تطوف إن شاءَتْ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّة من فقهائنا.


(١) في شرحه (٢/ ٤٨٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٦٢) ومسلم (١٣٤٦).
(٥١٧) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>