لما فرغ من بيان حكم صلاة المريض شرع في بيان فضيلة تطهير المسجد عن المستكره مطلقًا، فقال: هذا
* * *
[باب النخامة في المسجد وما يكره من ذلك]
في بيان فضيلة تطهير المسجد عن النخامة، أي: وجدت في المسجد، أي: في جنس المسجد سواء كان مسجد الحرام أو مسجد الأقصى أو غيرهما، في بلاد الإِسلام، وهي أي النخامة، بضم النون، وفتح الخاء المعجمة والألف والميم والتاء، ما يخرج من الخيشوم والحلقوم، كذا في (المغرب).
وما يُكره أي: وبيان فضيلة تطهيره عما يستكره من ذلك، أي: في المسجد، فمن هنا بمعنى في، كما قال تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}[الجمعة: ٩].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يتعاهد المسجد - أي: يخدمه بالكنس والتنظيف - فاشهدوا له بالإيمان"، فالخدمة بالمسجد تعمير له، قال الله تعالى في سورة التوبة:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية [التوبة: ١٨].
قال صاحب (الكشاف): عمارتها: كنسها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها بما ينبغي لها، كذا قاله ابن الملك في باب المساجد في (شرح المصابيح)، فإن قيل: لم أشار المصنف بذلك إلى المسجد؟ أجيب: إشعارًا ببعديته عن أيدي المشركين، كما قال تعالى في سورة التوبة:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}[التوبة: ٢٨]، أو إعلامًا بأنه ذو شرف وكرامة عند الله تعالى، فإنه أسنده إلى نفسه (ق ٢٧٧) فقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} الآية [التوبة: ١٨] , أو تشبيهًا بحاله بشيء في مكان بعيد هو من قبيل تشبيه العقول بالمحسوس.
فيجب على المؤمنين أن يطهروه عما يستكره طبعًا وشريعة من الرائحة الكريهة، وكلام الدنيا.