للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحديث موقوف ظاهرًا، مرفوع حكمًا، وكيف لا في الكتب الستة، واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: غزوتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنا، فقامت طائفة معه فصلى، وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا، فكان الطائفة التي لم يصل فجاؤوا فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم وسجد سجدتين، ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه فسجد سجدتين.

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بقول ابن عمر، وهو أي: ما قاله ابن عمر قول أبي حنيفة، رحمه الله، وكان مالك بن أنس لا يأخُذُ به، أي: لا يعمل بقول ابن عمر، وكذا الحسن البصري، وأبو يوسف، والمازني من أصحاب الشافعي، حيث أنكروا مشروعية صلاة الخوف بعده - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن فيها أفعال منافية للصلاة، فيقتضي فيها على رموز الخطاب، وهو كون النبي - صلى الله عليه وسلم - إمامًا لقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} الآية [النساء: ١٠٢].

والجمهور على أن إقامة الصلاة لها بعده - صلى الله عليه وسلم - دليل على أن معنى الآية: كنت فيهم أقمت أو من يقوم مقامك، كما في قوله تعالى في سورة التوبة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية [التوبة: ١٠٣]، ومما يدل على أن الحكم باقٍ بعده - صلى الله عليه وسلم - فعل بعض أصحابه الكرام، فقد روى أبو داود عن مسلم عن إبراهيم عن عبد الصمد بن حبيب عن أبيه أنهم غزوا مع عبد الرحمن بن سمرة كابل، فصلى بهم الخوف، وأن الطائفة التي صلى بهم ركعة، ثم سلموا مضوا إلى مقام أصحابهم فجاء هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة، ثم رفعوا إلى مقام أولئك، وجاء الآخرون فصلوا لأنفسهم ركعه، كذا قاله علي القاري.

لما فرغ من بيان حكم صلاة الخوف، شرع في إظهار أثر الخوف، فقال: هذا

* * *

[باب وضع اليمين على اليسار في الصلاة]

في بيان حكم وضع اليمين على اليسار، أي: وضع المصلي يده اليمنى على يده اليسرى في كل قيام في الصلاة، وهو نوع تعظيم لله تعالى، وكذا انحناء المصلي ظهره للركوع تعظيم له (ق ٢٩٢) تعالى، ولكن التعظيم له تعالى في وضع المصلي جبهته

<<  <  ج: ص:  >  >>