للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء، أي: ممن لهم مشاركة في تحقيق اللغة، إنَّما سُمِّيَت العصر، أي: صلاة العصر؛ لأنها تُعْصَرُ أي: يتبطأ، وتُؤخَّرُ، وفي (الصحاح) قال الكَسائي: جاء فلان (ق ١٧)، عصرًا، أي بطيئًا متأخرًا، قال بعض المفسرين: سمي صلاة العصر عصرًا؛ لأنه إذا صلى العبد صلاة العصر جاء ملك من ملائكة الله تعالى ويعصره، أي يضمه إلى نفسه حتى يُخرج ذنوبه وخطاياه. وروى مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم بإسناد حسن عن أبي سلمة عن جابر مرفوعًا، يقولون: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن ساعة يوم الجمعة يستجاب الدعوات فيها وهي بعد العصر".

قال بعض المفسرين: ما الحكمة في قسم الله تعالى بصلاة العصر في قوله: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ١، ٢]؟ الجواب: لأنه وقت يعم فيه خيرات الأولياء من طلب العلم، والقراءة، والتسبيح، والصلوات الخمس، وغيرها، فأقسم بها تعظيمًا لخدمة أوليائه وإعلامًا أنهم كرماء وعظماء عند ربهم.

ولما فرغ عما يتعلق بوقوت الصلاة شرع بما يتعلق بالطهارة.

* * *

[باب ابتداء الوضوء]

فقال: هذا باب ابتداء الوضوء، وهو أي الباب في اللغة: النوع، وفي العرف: نوع من المسائل التي اشتمل عليها الكتاب، كذا قاله الشمني، وهو أي: لفظ باب، بالتنوين على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذا باب، أو بالوقف، فلاحظ له من الإِعراب أو بالإِضافة إلى ابتداء مضاف إلى الوضوء، والمعنى على التقدير الأول: هذا باب كان في بيان كيفية الشروع بالوضوء، وعلى التقدير الثالث: باب كيفية الشروع بالوضوء مشتمل على أربعة أحاديث، وإضافة الباب إلى ابتداء على التقدير الأول بمعنى: في، وإضافة ابتداء إلى الوضوء من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها، ومناسبة هذا الباب بالباب المتقدم أنهما في بيان بعض شروط الصلاة، لكن قدوم الباب الأول على هذا الباب لكثرة وقوعه بالنسبة إلى هذا الباب، وقوله: الوضوء بالضم الفعل، وبالفتح: الماء الذي يُتوضأ به، وحكي في كل الفتح والضم، وهو مشتق من الوضاءة وهو الحسن والنظافة؛ لأن المصلي يتنظف به فيصير وضيئًا، كذا قاله العسقلاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>