للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الضحايا وما يُجزئ منها

كتاب الضحايا، أي: في بيان الأحاديث التي تتعلق بأحكام الأضحية، هذا الكلام إضافي يجوز فيه وجهان من الإِعراب: رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف، كما قدر، ونصبه على تقدير حذف الكتاب، أو إقراء الكتاب وغيرهما، والكتاب لغة مصدر بمعنى كتب، سُمي به المفعول للمبالغة، واصطلاحًا من المسائل، واختار المصنف رحمه الله تعالى لفظ الكتاب على لفظ باب؛ لأن في لفظ الكتاب معنى الجمع، يقال: كتبت الخيل إذا جمعت، والباب بمعنى النوع، وكان غرض المصنف بيان أنواع الأضحية، وإضافة الكتاب إلى الضحايا من قبيل إضافة العام إلى الخاص؛ لأن الضحايا جمع ضحية كعطايا جمع عطية، والأضاحي جمع أضحية بضم الهمزة في الأكثر وكسرها اتباعًا لكسر الحاء، والأضحى جمع أضحاه مثل أرطا وأرطاه وهو اسم لما يُذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى في يوم العيد.

قال عياض: سُميت بذلك لأنها تفصل في وقت الضحى وهو ارتفاع النهار، فسُميت باسم زمن فعلها، وفي الشرع: اسم لحيوان مخصوص يُذبح بنية القربة عند وجود شرائطها وسببها، وشرائطها الإِسلام والإِقامة واليسار التي تتعلق به وجوب صدقة الفطر، وسببها الوقت وهو أيام النحر، وركنها: ذبح يجوز ذبحها، وجه المناسبة (ق ٦٥٤) بين هذا الكتاب وبين كتاب الطلاق معنى التباعد؛ لأن الرجل إذا طلق امرأته وقع التباين بينه وبينها، وكذلك إذا ذبح رجل أضحية وقع التباين بين جسمها وروحها.

قدَّم المصنف كتاب الطلاق على كتاب الضحايا؛ لأن دليل الطلاق قطعي، قال تعالى في سورة الطلاق: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع أمته، ودليل الضحايا ظني، وهو ما رواه الطبراني في (الأوسط) (١) عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أيها الناس ضحوا واحبسوه بدمائها، فإن الدم وإن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله تعالى"، ورُوي مرفوعًا


(١) الطبراني في الأوسط (٨/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>