قال محمد: ليس عندنا فيها أي: فقء العين أرش معلوم، أي: دية مقدرة مفهومة، ففيها حكومة عدل، أي: مطلقة، وفسر صاحب (الاختيار) حكومة العدل، بأن يقوم المجروح عبدًا سالمًا أو صحيحًا وجريحًا، فما نقصت الجراحة من القيمة يعتبر من الدية كما فسرها المصنف بقوله: فإن بلغت الحكومة وفي نسخة: وإن بلغت بالواو مائة دينار أو أكثر من ذلك كانت الحكومة فيها، أي: معتبرة وإنما نضع أي: نحمل هذا أي: الحكم من زيد بن ثابت، أنه، وفي نسخة: لأنه حكم بذلك، فيكون واقعة اتفاقية فرعية لا قضية فرعية شرعية، وتفسير حكومة عدل أن يقوم المجني عليه، وهذا تفسير الحكومة عند الطحاوي، بل هذا الأثر يقوم عبدًا معه، فقدروا التفاوت بين القيمتين من الدية هو الحكومة العدل وبه يفتى، كذا قاله قاضيان، وبه أخذ الحلواني، وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وكل من يحفظ عند العلم، كذا قاله ابن المنذر.
وقال بعض المشايخ في تفسيرها: ينظر إلى قدر ما يحتاج إليه من النفقة إلى أن تبرأ هذه الجراحة، فيجب على الجاني، فإن عرف القاضي مقداره وإلا فسأل من له علم بذلك من الأطباء، وقالوا: وهذا لا يقوى لأن الناس يتفاوتون في ذلك، فمنهم من يكون أبطأ براء، ومنهم من يكون أسرع براء، وهذا إذا بقي للجراحة أثر ما إذا لم يبق فقال أبو يوسف: لا شيء على الجاني، وقال محمد: يلزمه قدر ما أنفق إلى أن يبرأ، وقال أكثر أهل العلم بقول أبي يوسف رحمه الله.
لما فرغ من بيان دية السن السوداء والعين إذا فقئت، شرع في بيان ما يتعلق بأحكام أحوال الجماعة يجتمعون على قتل رجل واحد، فقال: هذا
* * *
[باب النفر يجتمعون على قتل واحد]
باب في بيان أحكام أحوال النفر، بفتح النون والفاء فراء مهملة، أي: الجماعة من الثلاثة إلى العشرة من الرجال، فإضافة الباب إلى النفر من قبيل إضافة العام إلى الخاص، يجتمعون على قتل واحد، أي: بالإِضافة.
ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق اللازم والملزوم، والمراد بالأول الدية، وبالثاني سببها.