في بيان أحكام الجنائز، فهي بمنزلة كتاب الجنائز، وهي بفتح الجيم جمع جنازة، وهي بالكسر لغتان، قال ابن قتيبة: وجماعة الكسر أفصح، وقيل: بالكسر للنعش، وبالفتح للميت، وقالوا: لا يقال نعش إلا إذا كان عليه الميت، وأورد المصنف هذه الأبواب الآتية بين باب الشهداء وبين كتاب الزكاة لتعلقهما بهما؛ لأن الشهادة تطهر النفس عن الآثام، وكذلك غسل الجنازة يطهرها عن الدنس الظاهرة، والصلاة عليها دعاء بالمغفرة لذنوبها، والزكاة تطهير للنفس والمال إذا أديت، كما قال تعالى في سورة الأعلى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: ١٤]، أي: نجا من أدى زكاة أمواله.
قال مالك عن جعفر الصادق بن محمد الباقر عن أبيه مرسلًا عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل في قميص، وقال سعيد بن زيد الباجي - المالكي: يحتمل أن يكون ذلك خاصًا به - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن السنة عند مالك وأبي حنيفة والجمهور أن يجرد الميت ولا يغسل في قميصه، وقال الشافعي: لا يجرد ويغسل فيه، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لما أرادوا غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: والله لا ندري أنجرده عن ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه، فألقى الله عليهم النوم حتى ما منعهم رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم متكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: غسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثيابه، كذا قاله السيد محمد الزرقاني.
ورُوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما توفى غسله عليّ رضي الله عنه ومسح بطنه المبارك بيده رقيقًا، وطلب منه ما طلب من الميت فلم ير شيئًا، فقال: طبت حيًا وميتًا، وصب عليه الماء عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كذا قاله السيواسي في (الفرائد شرح ملتقى الأبحر).
باب المرأة تُغَسِّل زوجها
في بيان حال المرأة تغسل زوجها، اتفقوا على أن للزوجة أن تغسل زوجها لبقاء العدة، فلو ولدت عقب موته لم تغسله بخلاف الرجل فإنه لا يغسل زوجته لانقطاع