للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الحدود في السرقة]

كتاب: أي: كائن في بيان أنواع الحدود، أي: حال كونها في السرقة، والكتاب لغة: مصدر بمعنى الكتب، وهي الجمع، يسمى به المفعول للمبالغة، واصطلاحًا: طائفة من المسائل، وإضافته إلى الحدود من قبيل إضافة العام إلى الخاص، وفي نسخة: أبواب الحدود بدل كتاب الحدود وهو جمع حد، وهو في اللغة: المنع، وفي الشرع: عقوبة مقدرة، ووجبت حقًا لله تعالى، وإنما قال: الحدود بلفظ الجمع إشعارًا بأنواع الحدود، كحد الزنا، والقذف، وشرب الخمر، لكنها هنا مخصوصة في حدود السرقة لما قيدها بقوله: من السرقة، وهي في اللغة: أخذ الشيء من الغير على وجه الخفية، وفي الشريعة في حق القطع: أخذ مكلف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة محروزة بمكان أو حافظ بلا شبهة، كذا قاله السيد محمد الجرجاني الحنفي، استنبط المصنف رحمه الله هذا الباب من قوله تعالى في سورة البقرة: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧]، لما كان المقصود من الحدود انزجارًا عن أسبابها كان الأهم تقديم حد السرقة على غيره؛ لأن في السرقة إتلاف المال، فإتلافه سبب لإِتلاف النفس، فالمال مخلوق وقاية للنفس، فحد السرقة وهو قطع يد السارق سبب لإِبقاء المال وإبقاؤه سبب لإِبقاء النفس، فالنفس مقدمة فكذلك سببها. ووجه المناسبة بين هذا الكتاب وبين الكتاب السابق الديات: إحياء النفس وجزؤها؛ لأن في أخذ الدية عن القاتل، وفي قطع اليد في السارق زجر غيره عن قتل النفس وعن السرقة، وهذا المعنى إحياء النفس وإبقاؤها حكمًا.

[باب العبد يسرق من مولاه]

باب العبد، أي: هذا المذكور كائن في بيان حكم حال العبد يسرق من مولاه، أي: العبد الذي يأخذ من مال سيده في مكان محرز خفية، والسرقة المستفادة من قوله: يسرق قد مرّ بيان معناها اللغوي والشرعي، وقال بعض الفضلاء: السرقة هي: أخذ مكلف خفية قدر وزن عشرة دراهم مضروبة جيدة وزن كل عشرة سبع مثاقيل كما في الزكاة، أو ما يبلغ قيمته وزن عشرة دراهم بقول رجلين عدلين، أو بإقراره مرة عند أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>