للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: وبهذا أي: بعدم لزوم الوضوء الشرعي نأخذ؛ أي: نعمل، ونفتي بأنه لا وضُوءَ مما أي: من أجل أكل الطعام الذي مست النار، أي طبخ بها، ولا وضوء مما دَخَل، أي في جوف الآدمي، إنما يلزم الوضوءُ مما خرج من الحدث، أي: النجاسة الحقيقية التي تكون موجبًا للحدث الحكمي؛ فإنه ليس بحدث ليس بنجس، فأما ما دخل من الصعام مما مسته النار، أو لَمْ تَمَسُّه النار فلا وضوءَ فيه. وهو أي: عدم لزوم الوضوء بعد الطعام قولُ أبي حنيفة رحمه الله، واستدل به البخاري على جواز صلاتهن وأكثر بوضوء، وعلى استحباب المضمضة بعد الطعام، وفيه جمع الرفقاء على الزاد في السفر، وإن كان بعضهم أكثر أكلًا وحملًا لأزواد في السفر، وأنه لا يقدح في التوكل، وأخذ منه المهلب أن الإِمام يأخذ المحتكرين بإخراج الطعام عند قلته ليبيعوه من أهل الحاجة، وأن الإِمام ينظر لأهل العسكر فيجمع الزاد ليصيب منه من لا زاد معه، وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به، ولم يخرجه مسلم.

لما فرغ من بيان عدم لزوم الوضوء بعد أكل الطعام شرع في بيان حكم حال الرجل والمرأة يتوضآن أو يغتسلان في إناء واحد فقال:

* * *

[باب في بيان حكم حال الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد]

أي: حال كونهما مجتمعين أو متفرقين في الوضوء أو الغسل في زمان واحد من إناء واحد.

٣٥ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن ابن عمر، قال: كان الرجال والنساء يتوضؤون جميعًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال محمد: لا بَأْس بأن تَتَوضأ المرأة وتغتسلَ مع الرجل من إناءٍ واحد؛ إن بدأت قبله أو بدأ قبلها. وهو قولُ أبي حنيفة.


(٣٥) أخرجه: البخاري (١٩٣)، وأبو داود (٧٩)، والنسائي (٧١) (٣٤٢)، وابن ماجه (٣٨١)، وأحمد (٤٤٦٧)، ومالك (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>