• محمد قال: أخبرنا، وفي نسخة: ثنا، وفي نسخة أخرى: حدثنا مالك، حدثنا نافع، في نسخة حدثنا بدل أخبرنا عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: كان الرجال والنساء يتوضؤون جميعًا حال كونهما مجمعين، وفي نسخة: كان الرجال والنساء يتوضآن جميعًا، أي: يريد كل رجل مع امرأته في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، أي: كان ذلك مشهورًا في ذلك العهد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينكر عليهم، فهو من باب الحديث التقريري، إن ثبت اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - على فعل أصحابه الكرام، وأراد به إجماع الصحابة في تلك الأيام مع قطع النظر عن سندهم في معتمدهم.
قال محمد - رحمه الله -: لا بَأْس بأن تَتَوضأ المرأة وتغتسلَ مع الرجل فإن حكمهما واحد، قوله: مع الرجل، منصوب لتتوضأ أو لتغتسل على اختلاف المذهبين في أعمال الفعلين، فإن الفعلين المذكورين حينئذٍ تنازعا واستدعى كل واحد منهما أن ينصب قوله مع الرجل على أنه مفعول معه، وأعمل البصريون الفعل الثاني لقربه منه، والكوفيون أعملوا الفعل الأول، لتقدمه، من إناءٍ واحد؛ بأن يأخذ الماء منه لا أنهما تتوضآن فيه، إن بدأت قبله أو بدأ قبلها، وهو قولُ (ق ٣٨) أبي حنيفة، رحمه الله، وعامة العلماء، وحُكِي عن أحمد أنه لا يجوز للرجل أن يتوضأ من فضل وضوء المرأة، ووافق أحمد أنه يجوز للمرأة الوضوء من فضل وضوء الرجل.
وفي (الشمائل) للترمذي: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنتُ أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، وهو يحتمل المعية والبعدية.
وقال الإِمام البغوي في (الحسان من المصابيح)، قالت ميمونة رضي الله عنها: أجنبت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلت من جفنة، أي: قصعة كبيرة، وفضل فيها فضلة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليغتسل منها، فقلت: إني قد اغتسلت منها، فاغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال:"إن الماء ليس عليه جنابة"(١).
فلا يخرج عن كونه مطهر إذا لم يتول المغتسل بإدخال يده في الإِناء رفع الجنابة من كفه.
(١) أخرجه: أبو داود (٦٨)، والترمذي (٦٥)، وابن ماجه (٣٧٠)، وقال الترمذي: حسن صحيح.