اتفقوا على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في كبار التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير وهو ابن أربع وثمانين سنة كذا قاله ابن الجوزي، وفي نسخة: أن سعيد بن المسيب قال: عدة المستحاضة سنة بفتحتين أي: عام واحد كامل إن غير بين الدمين بلا خلاف، فإن ميزت فعدتها بالأقرار، وقال ابن وهب بالسنة مطلقا وهما روايتان عند مالك كذا قاله الزرقاني (١).
قال محمد: المعروف عندنا أن عدتها على أقرائها أي: حيضتها التي كانت تجلس أي: عن الصلاة والصوم والوطء فيما مضى، أي: من مدتها المعروفة وكذلك قال إبراهيم النَّخَعي وغيره من الفقهاء، أي: جمهورهم وبه نأخذ، أي: إنما نعمل بما قاله إبراهيم النخعي وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، ألا ترى أي: ألم تعلم أنها أي: المرأة المستحاضة تترك الصلاة أيام أقرائها التي كانت تجلس؛ لأنها فيهن حائض، أي: وفي غيرها طاهر يجب عليها صومها وصلاتها فكذلك تعتد بهن، فإذا مضت ثلاثة قروءٍ منهن بانت إن كان ذلك أي: مقدار مدتها أقل من سنة أو أكثر أي: بالأولى.
لما فرغ من بيان أحكام عدة المستحاضة، شرع في بيان أحكام الرضاع، فقال: هذا
* * *
[باب الرضاع]
باب في بيان أحكام الرضاع، والباب في اللغة: النوع مطلقًا، وفي العرف: نوع من المسائل كما قاله الشمني في (شرح النقاية) والرضاع بفتح الراء وكسرها من باب علم أو ضرب اسم مصدر وهو: المص كما قال أهل اللغة: الرضاع مص الثدي مطلقًا، وقال (ق ٦٤٢) أهل الشرع في الرضاع: مص الصبي ثدي الآدمية في وقت مخصوص وهو حولان، ونصف عند أبي حنيفة وحولان فقط عند أبي يوسف ومحمد وهو الصحيح وبه صرح ابن الهمام في (فتح القدير) حيث قال: الأصح قولهما كذا في (منح الغفار)، وقال زفر: ثلاث سنين، وعن مالك سنتين وأيام، وعند عائشة وداود يثبت به الرضاع بعد البلوغ وسيأتي الكلام على تحقيق المرام.