للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب زكاة الفطر]

في بيان أحكام زكاة الفطر، وهي في اللغة: الطهارة، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللهو واللغو والرفث (١)، قوله: طُهرة، أي: تطهير للصائم عن ذنوبه، وقوله: من اللهو واللغو، أي: الكلام الباطل، وقوله: والرفث، أي: الكلام القبيح؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، وقوله: الفطر، لفظ إسلامي، مأخوذ من الفطرة التي كانت بمعنى الحلقة، ولذلك قال ابن قتيبة: المراد بزكاة الفطر زكاة النفوس، ولكن الفقهاء اصطلحوا بها في صدقة الفطر من رمضان، وإضافتها إليها من قبيل إضافة السبب إلى سببه، وهي واجبة على كل مسلم حر، (ق ٣٦٤) غني عند أبي حنيفة، وفريضة عند الأئمة الثلاثة، وقيل: مستحبة، ولو كان غناؤه نصابًا غير تام، ووقت وجوبها عند طلوع الفجر الثاني من يوم عيد الفطر، وقال الشمني في شرح (النقاية): وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر في السنة التي فرض فيها رمضان قبل أن تفرض زكاة المال، وكان يخطب قبل الفطر بيومين فأمر بإخراجها. انتهى.

وفرض صوم رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة لعشر من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من الهجرة، كذا في (منح الغفار)، والمراد بالوجوب الوجوب المصطلح عندنا، وإن ورد في السنة لفظ: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر؛ لأن معناه أمر إيجاب، والأمر الثابت بدليل ظني إنما يفيد الوجوب والإِجماع المنعقد على وجوبها ليس قطعيًا ليكون الثابت الفرض؛ لأنه لم يُنقل تواتر؛ ولهذا قالوا: من أنكر وجوبها لا يكون كافرًا، كما في (منح الغفار)، وقدرها نصف صاع من بر أو صاع من غيره، وعندهم صاع من الكل، والأدلة مفصلة في محلها.

٣٤٤ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى أن تُجْمَع عنده، قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.


(١) أخرجه: أبو داود (١٦٠٩)، وابن ماجه (١٨٢٧).
(٣٤٤) صحيح، أخرجه: مالك (٦١٧)، والشافعي في المسند (٤٢٣)، والبيهقي في الكبرى (٧٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>