للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمه بالنصب، أي: يذكى ذكاة مثل ذكاة أمه، فإن قيل: لو لم يحل أكله بذكاة أمه لما حل ذبح أمه؛ لأن في ذبحها إضاعتها، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال، أُجيب بأن موته ليس بمتيقن، بل يُرجى إدراكه حيّا يذبح فلا يحرم ذبح أمه مع أن الضرورة تبيح المحظورات، وكان أي: أبو حنيفة يروي عن حماد عن إبراهيم، أي: النخعي، أنه أي: إبراهيم النخعي، قال: لا تكون ذكاة نفسٍ ذكاة نَفسَيْن، أي: لا تقوم مقامها.

لما فرغ من بيان حكم ذكاة الجنين، شرع في بيان حكم أكل الجراد، فقال: هذا

* * *

١١ - باب أكل الجراد

باب في بيان حكم أكل الجراد، وقد تقدم في باب الحلال يذبح الصيد: هل يحل أن يأكل المحرم منه أم لا؟ لا من أكل الجراد خلق أولًا من غطسته الحوت في السفينة مرتين.

وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق حكم الأكل، أجمع المسلمون على إباحة أكله، وقد قال عبد الله بن أبي أوفى: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل الجراد، رواه البخاري (١) وأبو داود (٢) والحافظ وأبو نعيم، وفيه: ويأكله معنا، ويروي ابن ماجه (٣) عن أنس رضي الله عنه أنه قال: كان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهادين الجراد في الأطباق.

٦٥٣ - أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن الجراد، فقال: ودِدتُ أن عندي قُفْعَةً من جراد، فأكل منه.

قال محمد: وبهذا نأخذ، فجرادٌ ذُكِّي كُلّه لا بأس بأكله إن أُخِذَ حيًا أو ميتًا، وهو ذكيّ كله على كل حال، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.


(١) البخاري (٥١٧٦).
(٢) أبو داود (٣/ ٣٥٧)، رقم (٣٨١٢).
(٣) ابن ماجه (٣٢٢٠).
(٦٥٣) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>