في بيان أحكام هذا كلام إضافي يجوز فيه وجهان رفعه على أنه خبر للمبتدأ المحذوف كما قدرناه ونصبه على تقدير خذ أو اقرأ ونحوها.
والكتاب لغة إما مصدر بمعنى الكتب، وهو سمي به المفعول للمبالغة واصطلاحًا طائفة من المسائل، واختار المصنف لفظ كتاب على باب؛ لأن في لفظ الكتاب معنى الجمع يقال: كتبت الخيل أي: جمعت، والباب بمعنى النوع، وكان غرضه بيان أنواع الحج لأنواعه، وإضافة الكتاب إلى الحج من قبيل إضافة العام إلى الخاص، عقب الإِمام الصوم بالحج اتباعًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان والحج"(١) رواه مسلم عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر أن الحج بالفتح والكسر في اللغة: القصد أو قصد معظم، وفي الشرع: زيارة مكان مخصوص في زمان مخصوص بفعل مخصوص، والمراد بالزيارة المخصوصة الطواف بالبيت الحرام والوقوف بعرفات، والمراد بالمكان المخصوص البيت الشريف والجبل المسمى عرفات، والمراد بالزمان المخصوص زمان من طلوع الفجر يوم النحر إلى آخر العمر، وفي الوقوف بجبل عرفات من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر، والمراد بالفعل المخصوص الطواف الفرض والسعي بين الصفا والمروة كذا قاله التمرتاشي.
واستنبط المصنف، رحمه الله، هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة آل عمران:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧] فرض الحج في السنة السادسة من الهجرة، وحج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة منها كذا قاله السيواسي في (الفوائد).
(١) أخرجه: البخاري (٨)، ومسلم (١٦)، والترمذي (٢٦٠٩)، والنسائي في المجتبى (٥٠١٦)، وأحمد (٥٦٣٩)، والنسائي في الكبرى (١١٧٣٢)، وابن حبان (١٥٨)، وابن خزيمة (٣٠٨)، والطبراني في الكبير (١٣٥١٨)، والأوسط (٦٢٦٤)، وأبو يعلى (٥٧٨٨)، والبيهقي في الكبرى (٧٣٢٢)، والشعب (٣٥٦٧).