قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بأن يأكل الرجل من أضحيته ويدّخر ويتصدق، وما نحب له أن يتصدق بأقل من الثلث، وإن تصدّق بأقل من ذلك جاز.
• أخبرنا مالك، في نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا أبو الزبير المكيّ، هو محمد بن مسلم الأسدي، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل مكة، مات سنة ست ومائة بعد الهجرة، أن جابر بن عبد الله أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في أول الأمر نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، أي: ثلاث ليال، ثم قال بعد ذلك:"كُلوا وادَّخروا أي: هيئوا لحوم الضحايا ذخيرة للأيام والأشهر، وتَصدَّقُوا".
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس أي: لا كراهة بأن يأكل الرجل من أضحيته ويدّخر ويتصدق منها، لما قال تعالى في سورة الحج:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج: ٢٨]، ولا نحب أي: لا نرى حسنًا له أي: لصاحب الأضحية أن يتصدق بأقل من الثلث، وإن تصدّق بأقل من ذلك أي: الثلث جاز، وكذا جاز لو لم يتصدق بشيء من لحم أضحيته.
لما فرغ من بيان حكم لحوم الضحايا، شرع في بيان حكم حال الرجل يذبح أضحيته قبل الصبح أو قبل صلاة العيد، فقال: هذا
* * *
[باب في الرجل يذبح أضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى]
باب في بيان حكم الرجل يذبح أضحيته قبل أن يغدو أي: قبل أن يدخل الصباح، هذا في حق أهل القرى، أو قبل أن يصلي صلاة العيد، وهذا في حق أهل المصر يوم الأضحى، هذا ظرف لقوله: قبل أن يغدو؛ لأن ذبح الأضحية قبل الصبح بعد يوم الأضحى إلى قبيل غروب الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق يصح للمصري والقروي. وجه المناسبة بين هذا الباب بين الباب السابق (ق ٦٦١) بيان المعنى المتضاد؛ لأن في الباب السابق بيان نسخ الحكم السابق وتبديله في هذا الباب بيان إبقاء الحكم السابق على حاله.