قال السيد الشريف محمد الجرجاني: الزعم هو القول بلا دليل انتهى. يعني ادعى بعض التابعين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يبعث رجالًا يُدْخِلون أي: من الإِدخال الناس من وراء العَقَبة أي: من خارج جمرة العقبة إلى مِنىً، أي: في داخلها.
قال ابن مالك من النحويين: ويمكن أن تكون كلمة "إلى" مرادفة "في"، كما في قوله تعالى في سورة النساء والأنعام:{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنعام: ١٢] أي: في يوم القيامة، كما قاله ابن هشام في (مغني اللبيب)، وهل العقبة من منى أم لا، المشهور المذكور عن كثير منهم أنها ليست من منى من جهة مكة، وهي التي بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار عندها على الهجرة قال نافع: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يبيتنّ نهي غائب مؤكد من باب التفعيل أي: لا يمكثن أحدٌ من الحاجّ لَيَالي منى وراء العَقَبة أي: من جهة مكة، فإذا كان النهي تحريمًا يجب الدم على من بات خارج العقبة عند الشافعي والجمهور من المحدثين، وإذا كان تنزيهًا لا شيء عليه، لكنه خالف السنة، وقد روى ابن نافع عن مالك: من حبسه مرض فبات بمكة فعليه هدي إلا لرعاء الإِبل للحديث الآتي وأهل الساقية للحديث الصحيح: رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس رضي الله تعالى عنه أن يبيت بمكة أيام منى من أجل سقايته، كما قاله الزرقاني.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بما رواه ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا ينبغي لأحدٍ من الحاجّ أن يبيت إلا بمنًى ليالي الحجّ، فإن فعل أي: إن بات في غير منى خارج جمرة العقبة فهو مكروه، أي: بكراهة التنزيه لمخالفته السنة ولا كَفَّارَة عليه، أي: لعدم وجوب البيتوتة بمنى وهو أي: عدم وجوب الكفارة على من بات في غير منى في ليالي أيام التشريق قولُ أبي حنيفة، والعامّة من فقهائنا أي: من أتباع أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
لما فرغ من بيان حكم (ق ٥٤٠) البيتوتة للحاج خارج منى في ليالي أيام التشريق، شرع في بيان حكم الحاج من تقديم نسك على نسك، فقال: هذا
* * *
باب من قدم نسكًا قبل نسك
في بيان حكم حال (من) أي: الحاج قدَّم نسكًا على نسك بضم النون وسكون