وقيل: بعد الخمسين، كما في (تقريب التهذيب)(١) أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريّا، يعني بيع النخيل أي: ثمرها لا مطلق ثمارها، واعلم أنه صح بيع ثمرة لم يبدو صلاحها في المذهب الأصح عندنا؛ لأنه منتفع به في المال، فصار كبيع الطفل والجحش بفتح الجيم وسكون الحاء ولد الحمار. كذا في الجوهري.
وقال مالك والشافعي وأحمد وشمس الأئمة السرخسي من أصحابنا: لا يجوز والحيلة في جوازه أن يباع مع الشجر فيكون تبعًا لها وعلى هذا الخلاف الزرع، وأما بدء صلاحها فلا خلاف بين العلماء في جوازه، وإنما الخلاف في تفسير بدو صلاحها، وعلى ما في الخلاصة عن التجريد أن يكون منتفعًا به، وعند الشافعي: هو ظهور النفيخ ومبادي الحلاوة، ثم إذا قلنا: صح بيع الثمرة يجب على المشتري قطعها في الحال ليتفرغ ملكة البائع من ملكه، وهذا إذا اشتراها مطلقًا أو شرط القطع، أما إذا شرط ترك الثمرة على الشجر والزرع على الأرض فيفسد البيع، أما إذا لم يبدأ صلاحها أو بدأ ولم يتبين عظمها فباتفاق، وأما إذا تناهى عظمها فعند أبي حنيفة وأبو يوسف، لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وهو شغل ملك الغير.
وقال محمد: لا يفسد استحسانًا وهو قول مالك والشافعي وأحمد ومختار الطحاوي لتعامل الناس به من غير مكر، بخلاف ما إذا لم يتناه عظمها؛ لأنها حينئذ يزيد زيادتها في ملك البائع، أعني الشجر والأرض فكأنه ضم المعدوم إلى الموجود واشتريها في (الأسرار) الفتوى على قول محمد، وفي (التحفة): الصحيح قولهما؛ لأن التعامل لم يكن بشرط الترك، وإنما كان بالإِذن بالترك من غير شرط. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، شرع في بيان حكم حال الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه.
* * *
[باب الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه]
بالتنوين، في بيان حكم حال الرجل يبيع بعض الثمر ويستثني بعضه، أي: بعضًا