للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المريض بشدة مرضه وقوة ألمه إذا لم يقرن بذلك شيء مما يمنع أو يكره من التبرم وعدم الرضى بل لطلب دعاء أو دواء، وربما استحب وأن ذلك لا ينافي في الاتصاف بالصبر المحمود، وإذا جاز ذلك أثنى المريض كان الإِخبار بعد البرء أجوز وأن أعمال البر والطاعة إذا كان منهما ما لا يمكن استداركه قام غيره في الثواب والأجر مقامه.

قال محمد: الوصايا جائزة في ثلث مال الميت بعد قضاء دينه، لأن قضاء الدين من فروض العين وليس له أي: للميت أن يوصي بأكثر منه أي: من الثلث، وإن أوصى بأكثر من ذلك أي: الثلث فأجازته الورثة بعد موته فهو أي: الإِيصاء بأكثر منه جائز، وفيه تنبيه على أن إجازتهم قبل موته غير معتبرة لعدم تعلق حق لهم بماله وليس لهم أي: للورثة أن يرجعوا بعد إجازتهم، أي: الواقعة بعد موته وإن ردّوا أي: وصيته رجع ذلك إلى الثلث، أي: وبطل الزائد عليه لا أصله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثلث، أي: عين الثلث والثلث كثير"، (ق ٧٧٧) فلا يجوز لأحد وصية مرفوعة لأنها فاعل يجوز بأكثر من الثلث إلا أن يُجيزوا الورثة، وهو أي: جواز الوصية بأكثر من الثلث بإجازتهم قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب فقال: "الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" (١).

قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه النسائي عن عمرو بن خارجة مرفوعًا، فلا أوصي لوارث، فأجازوا أي: الورثة جاز وإلا فلا وإن اجتمع الوصايا وضاق عنها الثلث قوم الفرض وإن أخره الوصي عن غيره؛ لأنه أهم فإن تساوت قُوَّة قَدَّم مَا قَدَّمَه الموصي؛ لأن الظاهر من حال الإِنسان أن يبدأ بما هو أهم عنده والله أعلم.

لما فرغ من بيان ما يتعلق بالوصية، شرع في بيان ما يتعلق اليمين والنذر، فقال: هذا

* * *

[باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين]

في بيان أحكام الأيمان، بفتح الهمزة وسكون التحتية فألف ونون جمع يمين، وهو


(١) أخرجه الترمذي (٤/ ٤٢٣)، رقم (٢١٢٠)، وقال: حسن صحيح، وأبو داود (٣/ ١١٤)، رقم (٢٨٦٨)، وابن ماجه (٢/ ٩٠٥)، رقم (٢٧٢٣)، وأخرجه النسائي في الكبرى (٤/ ١٠٧)، رقم (٦٤٦٨)، عن عمرو بن خارجة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>