للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اللغة مشتركة بين الجارحة والقسم والقوة، كما قال تعالى في سورة الحاقة: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: ٤٥] أي: بالقوة، وفي الشرع: هي عبارة عن عمد قوي بها عزم الحالف على الفعل أو الترك أو عن تعليق الجزاء بالشرط فإنه أيضًا يمين حتى لو حلف أن لا يحلف، فقال: إن دخلت الدار فعبدي حر يحنث عند العامة، وعند أصحاب أبي حنيفة: الظاهر أنه لا يحنث وركنها اللفظ المستعمل فيها وشرطها العقل والبلوغ والإِسلام، وحكمها شيئان وجوب البر بتحقيق الصدق في نفس اليمين، والثاني وجوب الكفارة بالحنث. كذا قاله محمد التمرتاشي في (منح الغفار) والنذور، أي: وبيان أحكام النذور بضم النون والذال المعجمة وسكون الواو فراء مهملة جمع النذر، وهو بفتح النون وسكون الذال المعجمة والراء المهملة إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيمًا لله تعالى. كذا عرفه السيد محمد الجرجاني، ولذا قال عبد الله بن عمر بن محمد بن البيضاوي الشيرازي في تفسير قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧]: من وفى بما أوجبه على نفسه تعظيمًا لله تعالى، كان أوفى بما أوجبه الله عليه وأدنى ما يجزي بلا أي: وبيان أقل الشيء يكفي في كفارة اليمين. وجه المناسبة بين هذا الكتاب وبين الكتاب السابق حكم يظهر بعد الموت، وهو الميراث وبعد اليمين، وهو وجوب البر بتحقيق الصدق في نفس اليمين ووجوب الكفارة بالحنث.

٧٣٧ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر كان يُكَفِّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين، لكل إنسان مدّ من حنطة، وكان يعتق الجوَارِ إذا وكَّدَ في اليمين.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر ثقة فقيه ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة أن عبد الله بن عمر كان يُكَفِّر عن يمينه أي: عن حنثه بإطعام عشرة مساكين، لكل إنسان أي: يعطي لكل مسكين، كما في (الموطأ) لمالك برواية يحيى مدّ من حنطة، وهو بضم الميم وتشديد الدال المهملة نصف صاع، كما قدره علماؤنا وهو مد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يعتق الجوَارِ إذا وكَّدَ في اليمين أي: في مذهبه وهو بفتح الواو وتشديد الكاف، يقال: وكدت اليمين توكيدًا أو أكدت اليمين تأكيدًا.


(٧٣٧) إسناده صحيح، وانظر المدونة الكبرى (٣/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>