رضي الله عنهما قال: الجو مغمور بأمم مختلفة الخلق، وفيه دواب تبيض وتفرخ، أي: تلد بيضة تخرج منها فرخ على هيئة السمك، ولها أجنحة ليست بذوات ريش، فأجاز أي: الرشيد لمقاتل، رحمه الله، بجوائز كثيرة على ذلك الخبر كما في (حياة الحيوان).
قال محمد رحمه الله: وبهذا، أي: بهذا الحديث نأخُذُ؛ أي: نعمل ونفتي، ماء البحر طهور، أي: طاهر في نفسه ومطهر بغيره كغيره من المياه، أي: من مياه الأرض والسماء على أصلها، وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله، والعامة، أي: عامة الفقهاء خلافًا لبعض السلف.
ولما ذكر حكم جواز الوضوء بماء البحر، عقبه باب المسح على الخفين، والمناسبة بين هذا الباب وذاك الباب الكلية والجزئية؛ لأن الوضوء واستعمال الماء على أربعة أعضاء، والمسح: استعمال اليد المبتلة بالماء، على الخفين البدلين من الرجلين، أو المناسبة بين هذا الباب وذاك الباب المستعمل به، والمستعمل فيه، والمراد بهما الماء والخفين. . فقال: هذا
* * *
[باب في بيان أحكام المسح على الخفين]
هذا كلام إضافي، وهو مبتدأ وخبر، كما قرره في أول الكتاب، قدم المصنف - رحمه الله - باب الوضوء بماء البحر على هذا الباب؛ لقوة دليله، كما قال الله تعالى في سورة المائدة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة: ٦].
ودليل المسح على الخفين الحديث المشهور.
والمسح لغة: إمرار اليد على الشيء، واصطلاحًا: عبارة عن رخصة مقدرة جعلت للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها.
والخف في الشرع: المتخذ من الجلد الساتر للكعبين (ق ٥١) فصاعدًا وما ألحق به، وسُمَّي الخف خفًا؛ لأن الحكم خفف به من الغسل إلى المسح، كما قاله محمد بن عبد الله التمرتاشي في (المنح)، وكلمة على تدل على وجوب المسح على الخفين، والاقتداء به واجب علينا.