للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلمة الخفين، دلالة على رد مذهب الشيعة، والروافض، وإثبات مذهب أهل السنة والجماعة، فإنهم أنكروا المسح على الخفين، وأثبتوا على الرجلين عريانين، حيث عطفوا قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ}، بالجر على لفظ {بِرُءُوسِكُمْ}، وقراءة أهل السنة بالنصب، وعطفوا على قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ}.

رُوي أن أبا حنيفة - رحمه الله - سُئِل عن أهل السنة والجماعة فقال: أن تفضل الشيخين، وتحب الختنين، وترى المسح على الخفين. كذا في (منح الغفار) وفي إيراد لفظ الخفين بصيغة التثنية إيماء إلى جواز المسح على خف واحد.

وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا أنكر المسح على الخفين، إلا مالكًا في رواية أنكرها أكثر أصحابه، والرواية الصحيحة عنه مصرحة بإثباته، وموطأه يشهد للمسح في الحضر والسفر على الرجال والنساء، وعليها جميع أصحابه وأهل السنة والجماعة.

قال ابن وهب: آخر ما فارقتُ مالكًا على إثبات المسح، في الحضر والسفر.

وقال الكرخي: أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين، لما قال بعض الحفاظ: حديث المسح متواتر، وحكمُه حكم النظم الكريم.

٤٧ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب الزهري، عن عبَّاد بن زياد؛ من وُلْدِ المغيرة بن شعبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجة في غزوة تَبُوك، قال: فذهْبتُ معه بماء فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكَبْتُ عليه، قال: فغسل وجهه ثم ذهب يُخْرِج يدَيْهِ فلم يستطع من ضيق كُمَّي جُبَّتِه، فأَخْرَجَهُمَا من تحت جُبَّتِه، فغسل يَدَيْهِ، ومسح برأسه ومسح على الْخُفَّيْنِ، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعبد الرحمن بن عوف يَؤمُّهُمْ؛ قد صلى لهم سجدة، فصلى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلى الركعة التي بقيَتْ، فَفَزع الناسُ له، ثم قال لهم: "قد أحسنتم".

• محمد قال: ثنا، كذا في نسخة، وفي نسخة: أخبرنا مالك قال: ثنا، وفي نسخة: أخبرنا ابن شهاب بكسر أوله، الزهري، بضم الزاي المعجمة منسوب إلى زهرة بن كلاب،


(٤٧) صحيح، أخرجه: البخاري (٤٤٢١)، ومسلم (٢٧٤)، ومالك (٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>