المتكلم في الفعل فانقلب الفعل عن لفظ الغائب إلى لفظ المتكلم، كما في قوله تعالى في سورة يوسف {نرتع ونلعب} أي: يرتع إبلنا فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه فقد ورد في الصحيح:"العلماء ورثة الأنبياء، وأن العلماء لم يورثوا" أي: لم ينالوا "دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم" من قوله تعالى في سورة النمل: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}[النمل: ١٦] وقوله تعالى في سورة مريم: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}[مريم: ٦] فالمراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث من المال، ثم النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتمل الجنس والمعهود، وهذا الأظهر لآية المقصور وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: أجمع أهل السنة أن هذا حكم جميع الأنبياء.
وقال ابن علية: إن ذلك (ق ٧٦٥) لنبينا - صلى الله عليه وسلم - خاصة وقالت الإِمامية: إن جميع الأنبياء يورثون. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بميراث النبي - صلى الله عليه وسلم -، شرع في بيان ما يتعلق بميراث لا يرثه المسلم من الكافر.
* * *
[باب لا يرث المسلم الكافر]
في بيان الحكم وهو أن لا يرث المسلم الكافر أي: أو على العكس، اعلم أن الكافر لا يرث من المسلم إجماعًا ولا المسلم من الكافر على قول علي وزيد بن ثابت وعامة الصحابة، وإليه ذهب علمائنا والشافعي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتوارث أهل ملتين شيء"، والقياس أن يرث المسلم من الكافر ولا يرث الكافر منه، وإليه ذهب معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان والحسن ومحمد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين ومسروق.
والجواب: أن المراد العلو بحسب الحجة أو القهر والغلبة أي: النصرة فلا يرث المسلم منه يستند إلى حال إسلامه ويكون ما اكتسبه في زمان ردته فيئًا للمسلمين وقال كلاهما لورثته.
وقال الشافعي: كلاهما فيء؛ لأنه مات كافرًا والمسلم لا يرث الكافر، ثم هو مال حرب لا أمان له، فيكون فيئًا، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق أن ينتقل المال المتروك إلى الأولاد.