للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الزَّكَاة

أي: بيان أحكام الأحاديث التي تتعلق (ق ٣٤٠) بأحكام الزكاة، هذا كلام إضافي يجوز فيه وجهان رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف، كما قدرناه ونصبه على تقدير خذ أو اقرأ نحوهما، والكتاب لغة: الفرض والحكم والقدر والجمع، تقول: كتبت الخيل إذا جمعته، واصطلاحًا: طائفة من المسائل واختار لفظ على؛ لأن في لفظ الكتب معنى الجمع، يقال: كتبت الخيل، أي: جمعت، والباب بمعنى النوع، وكان الفرض بيان أنواع الزكاة لا نوعها، وإضافة الكتاب إلى الزكاة من قبيل إضافة العام إلى الخاص، وذكر المصنف - رحمه الله - الزكاة بعد الصلاة؛ لأنهما مقترنان في كتاب الله تعالى في اثنين وثمانين آية، وهذا يدل على أن التعاقب في غاية ذكاء المصنف.

والزكاة في اللغة بمعنى: يقال: زكا الزرع إذا نما، أي: زاد، لأنهما سبب نمو الأموال في الدنيا، والثواب في العقبى، كقوله تعالى في سورة سبأ: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩]، وبمعنى التطهير؛ لأنها تطهر صاحبها من الذنوب، أو رذيلة البخل، كقوله تعالى في سورة التوبة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} الآية [التوبة: ١٠٣]، وفي الشريعة: أداء حق يجب في المال، ويعتبر في وجوبه الحول والنصاب، وهي فريضة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما الكتاب فكما قال تعالى في سورة البقرة: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: ٤٣]، وأما السنة، فكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: "اتقوا ربكم وصَلُّوا خمسكم وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أَمْرِكُم تدخلوا جنة ربكم" (١) رواه الترمذي، عن أبي أمامة، وأما الإِجماع فقد اجتمع علماء الأمة على فرضيتها من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير نكير، فمن جحد فرضيتها كفر، وإنما اختلف في بعض فروعها، وفرضت بعد الهجرة عند الأكثر، وقيل: في السنة الثانية قبل رمضان، وقيل: في السنة الأولى، وجزم ابن الأثير بأنها فُرِضت في السنة التاسعة، والله أعلم.


(١) أخرجه: الترمذي (٦١٦)، وقال: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>