أتريد أن تجعلها أي: هذه الخصلة أو الفعلة فيّ؟ أي: بسببي وفي نسخة: بكسر الفاء وتشديد التحتية المفتوحة أي في كسبي إن أمرتني أي: بالعزيمة صَبَبْت، وإلا فاستعنت قال عمر ليعلى ابن منية: اصببْ بضم الهمزة وسكون الصاد المهملة وبضم الموحدة الأولى وسكون الثانية فلم يزده الماء إلى شَعَثًا أي: انتشارًا وتفرقًا، ولعل مراد عمر رضي الله عنه محمول على إعادة العرب، فإنهم عند إرادة الإِحرام يدهنون شعورهم ويطيبونها بالعطر فحينئذ لا شك في التئامها واجتماعها وبالغسل يفوت تلك فيتفرق الشعر هنالك والماء يلبد الشعر ويدخله مع ذلك الغبار، وهذا يقتضي أن غسله لم يكن لجنابة أن الإِجماع على أن المحرم إذا كان جنبًا أو المرأة حائضًا أو نفساء وطهرت يغسل رأسه، واختلف في غسل المحرم تبردًا أو غسل رأسه فأجازه الجمهور بلا كراهة كما قاله عمر: لا يزيده الماء إلا شعثًا.
قال عياض: وتؤول عن مالك مثله وتؤول عليه الكراهة (ق ٤٥٦) أيضًا، وقد كره عمر المحرم رأسه في الماء، وعللت، الكراهة بأنه في تحريك يده في غسله أو غمسه قد يقتل بعض الدواب أو يسقط بعض الشعر وقيل: لعله رواه من تغطية الرأس وكره فقهاء الأمصار غسل الرأس بالخطمى والسرر وأوجب مالك وأبو حنيفة فيه الفدية وأجازه بعض السلف إذا كان ملبدًا انتهى.
وقال الشافعية: لا فدية عليه إذا لم ينتف الشعر.
قال محمد: لا نرى أي: لا نظن بهذا أي: بغسل المحرم رأسه إذا لم يقتل هوام رأسه بأسًا؛ أي: كريهًا وهو قولُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا وهذا تأكيد لما تقدم والله أعلم.
لما فرغ من بيان حكم غسل المحرم رأسه أو اغتساله، شرع في بيان حرمة لبس الثياب المخيطة أو المصبوغة بطيب من حمرة أو صفرة للمحرم، فقال: هذا
* * *
[باب ما يكره للمحرم أن يلبس من الثياب]
في بيان حكم ما يكره أي: يحرم للمحرم أي: بحج أو عمرة أن يلبس من الثياب بيان لما، والمراد بالثياب ثوب مخيط أو مصبوغ بطيب من حمرة أو صفرة.