يسأله المرتد أي: لم يستمهله فقتله فلا بأس بذلك كله وفي أصح قولي الشافعي: إن تاب في الحال وإلا قتل، وهو اختيار ابن المنذر.
وقال سفيان الثوري: يستتاب ما رجى عوده.
وقال الزهري: يدعى ثلاثًا فإن أبى قتل، وفي (المبسوط): وإن ارتد ثانيًا وثالثًا وكذلك يستتاب.
قال أكثر أهل العلم: لقوله تعالى في سورة التوبة: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة: ٥].
وقال مالك: وأحمد والليث: وهو رواية عن أبي يوسف: لا يستتاب من يكرر منه ذلك الزنديق لقوله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}[النساء: ١٣٧].
ولنا في الزنديق روايتان: رواية لا يقبل توبة كقولك، وفي رواية: تقبل كقول الشافعي، والخلاف في حق أحكام الفتيا، وأما فيما بينه وبينه تعالى فيقبل بلا خلاف في سورة النساء في حق المنافقين:{الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا} إلى قوله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١٤٦] والآية التي استدلوا بها إنما هي في حق من ازداد كفرًا لا في حق من أمن وأظهر التوبة.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم المرتد، شرع في بيان ما يتعلق بحكم لبس الحرير للذكر، فقال: هذا
* * *
باب ما يُكره من لبس الحرير والديباج
في بيان حكم ما يكره أي: تحريمًا من لبس الحرير والديباج وهو ثوب غليظ من الحرير ويقال له في اللسان الفارسي: (ديبا)، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق معنى يجعل صاحبه ذليلًا، وإنما قال: يكره ولم يقل: يحرم؛ لأنه لم يثبت حرمته بدليل قطعي كما قاله علي القاري.