أبطل ذلك تعارض لقوله: ألا ترى أن عمر أبطل ديته عن القاتل، فدفع المصنف هذا التوهم بقوله ألا، وعطف عليه قوله: ولكن عمر لم يعرفها، فيجعل الدية أي: دية المقتول على العاقلة، وفي نسخة: على عاقلته بالإِضافة، أي: على قدر حالتهم، ولو أن عمر لم ير أن له أي: للسائبة القاتل مولى أي: أصلًا، ولا أنَّ له عاقلة أي: مطلقًا لجعل دية من أي: المقتول قُتِل بصيغة المجهول في ماله، أي: مال القاتل إن كان موسرًا، أو على بيت المال، أي: إن كان القاتل معسرًا، ولكنه أي: عمر رأى له عاقلة ولم يعرفهم، أي: بخصوصهم لأن بعض الحجاج، وفي نسخة تنبغي أن تصحح: بعض الحاج كان أعتقه ولم يُعرف بصيغة المجهول المُعتِقُ بصيغة اسم الفاعل نائب الفاعل لقوله: لم يعرف، أي: لم يعلم المعتق بعينه، ولا عاقلتُه، أي: لأنهم فرع الأول في المعرفة، فأبطل ذلك أي: وجوب الدية عمر حتى يُعرف، أي: حتى تبين معتقه وعاقلته، ولو كان لا يرى له عاقلة أي: من أول الأمر لجعل ذلك أي: لوجوب الدية عليه أي: على السائب القاتل في ماله أي: إذا كان غنيًا، أو على المسلمين في بيت مالهم، أي: إن كان القاتل فقيرًا.
لما فرغ من بيان حكم من قتل خطأ، ولم تُعرف له عاقلة، شرع في بيان القسامة، فقال: هذا
* * *
[باب القسامة]
باب في بيان القسامة، هي بفتح القاف مصدر لأقسم أو اسم لمصدره، ثم القوم الذين يحلفون سموا به، وسببها وجود القتيل في المحلة أو في معناها، وركنها: قولهم بالله ما قتلناه، وما علمناه قاتلًا، وشرطها: أن يكون المقسم رجلًا حرًا عاقلًا، وحكمها: القضاء بوجوب الدية، وإضافة باب إلى القسامة من إضافة العام إلى الخاص، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق السببية والمسببية.
٦٨٠ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، وعِراك بن مالك الغِفاري، أنهما حدثاه: أن رجلًا من بني سعد بن ليث أجْرى فرسًا