للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما، فسار مغفولًا عنه: ونحوه في حديث عائشة عند أبي يعلى لكن قال فيه: "إن الله يكتب كل نفس ميتة تلك السنة فأحب أن يأتي أجلي وأنا صائم" (١). ولا يعارضه النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين لحمله على من لم يدخل في صيام اعتاده قال بعضهم: من الناس يظن أن صيام رجب أفضل منه؛ لأنه شهر حرام، وليس كذلك.

لما فرغ من بيان حكم المداومة على الصيام، شرع في بيان فضيلة صوم عاشوراء، فقال: هذا

* * *

[باب صوم عاشوراء]

في بيان فضيلة صوم يوم عاشوراء، وهو، بالمد على المشهور وحكى قصره، زعم ابن دريد أنه اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية رده عليه ابن دحية بحديث عائشة في الباب وبغيره وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم أنه عاشر المحرم.

قال ابن المنير: وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية، وقال الدارقطني: مصدر معدول من عاشر للمبالغة والتعظيم، وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة؛ لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم العقد واليوم مضاف إليها، فإذا قيل: يوم عاشوراء فكأنه قيل يوم الليلة إلا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الإِسمية ما استغنوا عن الموصوف فحذف الليلة فصار هذا اللفظ على اليوم العاشر، وقيل: هو تاسع المحرم.

قال ابن المنير: فعلى اليوم مضاف لليلة الماضية وعلى الثاني مضاف لليلة الآتية، وفي مسلم (٢) عن الحكم بن الأعرج قلت لابن عباس رضي الله عنهما: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائمًا قلت: هكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم.


(١) أخرجه: أبو يعلى (٤٩١١) من حديث أبي هريرة لا من حديث عائشة.
(٢) أخرجه: مسلم (١١٣٣)، وأبو داود (٢٤٤٦)، والترمذي (٧٥٤)، وأحمد (٣٢٠٢)، (٢٥٣٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٧٣)، والطبراني في الكبير (١٢٩٢٥)، والبيهقي في الكبرى (٨٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>