أهل التفسير: سبب نزول هذه الآية هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر:"من أتى مكان كذا فله من النفل كذا، ومن قتل قتيلًا فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا"، فلما التقوا سارع إليه الشبان وأقام الشيوخ ووجوه الناس عند الريان، فلما فتح الله على المسلمين جاؤوا يطلبون ما جعل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الأشياخ كن ردًا لكم ولو انهزمتم لانحرفتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، وقام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخوتي مسلمة، فقال: يا رسول الله إنك وعدت أن من قتل قتيلًا فله كذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا، فإنا قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين، فقام سعد بن معاذ فقال: والله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء إزهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولكن كرهنا أن يعرى مصارفك فتعطف عليه وعليهم خيل من المشركين فيصيبوك، فأعرض عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال سعد: يا رسول الله إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك فإن تعطي هؤلاء الذين ذكرت لا يبقى لأصحابك كثير شيء، فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}[الأنفال: ١] فقسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما اليومَ فلا نفل بعد إحراز الغنيمة إلا من الخُمُس لمحتاج.
وفي تفسير البغوي قال مجاهد وعكرمة والسدي: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الأنفال: ٤١] كانت الغنائم يومئذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنسخها الله بالخمس.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هي ثابتة غير منسوخة أي: الحكم فيها لله والرسول، وقد بين الله مصارفيها في قوله:{أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال: ٤١] كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالسير والغزاة، شرع في بيان ما يتعلق بحال الرجل يعطي له في طريق الفرد شيء.
* * *
[باب الرجل يعطي الشيء في سبيل الله]
في بيان ما يتعلق بحال الرجل يعطي بصيغة المجهول الشيء في سبيل الله أي: في طريق الغزو، ووجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق هو اللازم والملزوم فتأمل.