للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء، أي: من النجاسات، وهو أي: جواز الصلاة في ثوب أصابه عرق الجنب أكثر من قدر الدرهم قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.

لما فرغ من بيان حكم عرق الجنب والحائض، شرع في بيان أمر القبلة، فقال: هذا

* * *

[باب بدء أمر القبلة وما نسخ من قبلة بيت المقدس]

في بيان بدء أي ابتداء أمر القبلة أي: حالها، كما قال صاحب (الجوهري): الأمر بفتح الهمزة وسكون الميم، وبعدها راء مهملة، بمعنى الحال، يقال: أمر فلان مستقيم، وإضافته إليها بمعنى اللام، من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها، وما أي: وبيان حكم نسخ بصيغة المجهول، أي: بدل الله ذلك، والحكم إلى حكم آخر، وهو في اللغة التبديل، قال تعالى في سورة النحل: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: ١٠١]، ومعناه أن يزول شيء فيخلفه غيره، وفي الشرع بيان انتهاء الحكم الشرعي الذي كان معلومًا عند الله تعالى، كذا قاله عبد الرحمن بن خرشة في (شرح المنار) لأحمد بن محمود النسفي، من قبلة بيت المقدس، بيان بما نسخ، وهو بضم الميم وفتح القاف والدال المفتوحة المشدودة وبعدها سين مهملة، اسم مفعول أو مكان، فمعناه المطهر عن الدنس الحسي والمعنوي، كذا قاله شهاب الدين في حاشية تفسير قوله تعالى في سورة طه: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: ١٢] انتهى. والمناسبة بين هذا الباب والباب السابق أمر سماوي، وأخذ هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة: {قَدْ نَرَى (ق ٢٨٠) تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} الآية [البقرة: ١٤٤].

وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى القبلة، فلما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يصلي نحو صخرة بيت المقدس، ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته، فصلى بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا إلى بيت المقدس، وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة، لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه، فنزل قوله تعالى في سورة البقرة: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [البقرة: ١٤٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>