للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحكم مخصوص له وللصحابة بذلك الوقت؛ ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك اليوم: "إنها - أي: مكة - لا تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرامًا" (١) ما يعني في الدخول بغير إحرام للإِجماع على الدخول بعده - صلى الله عليه وسلم - للقتال مع الإحرام وأما إحرام عبد الله بن عمر من الفُرْع، وهو أي: الفرع دون أي: أقرب ذي الحُلَيْفَةَ إلى مكة، فإنَّ أمامها أي: قدامِ بقعة ذي الحليفة أو الفرع وقتٌ آخر أي: ميقات آخر متأخر وهو الْجُحْفَة، وقد رُخِّص بصفة المجهول أي: وقت الرخصة لأهل المدينة أن يُحرِموا من الجُحْفَة أي: سواء مروا على ذي الحليفة أم لا؛ لأنها وقت أي: ميقات من المواقيت والواجب أن لا يتجاوز عنه وأطلق الميقات لا عن الميقات الأول بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: بإسناد الآتي أنه قال: من أحب منكم أي: يا أهل المدينة أن يستمتع بثيابه أي: بأن يلبس وأن يؤخر إحرامه إلى الجحفة فليفعل.

والحاصل: أن هذا رخصة، والإِحرام من الميقات الأول عزيمة، ولو لم يحرم المدني من ذي الحليفة وأحرم من الجحفة لا شيء عليه عندنا خلافًا للشافعي، ولكن كره بالاتفاق خروجًا عن الخلاف، فإنه مستحب إلا عند ابن أمير الحاج من أصحابنا ذكره في منسكه: إن تجاوز المدني إلى الجحفة في زماننا أفضل فإن المحرم ربما يرتكب محرمات في الطريق إذا طالت عليه المسافة وأخبرنا بذلك أي: بالحديث المتقدم أبو يوسف، عن إسحاق بن راشد، عن محمد بن علي عن أبي جعفر محمد الباقر بن زين العابدين بن عليّ، بن الحسين بن علي رضي الله عنهم وسمي هذا السند سلسلة الذهب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

لما فرغ من بيان المواضع للإِحرام، شرع في بيان زمانه، فقال: هذا

* * *

[باب الرجل يحرم في دبر الصلاة وحيث ينبعث به بعيره]

في بيان حكم حال الرجل يحرم أي: يدخل في الإِحرام مع رفع الصوت بالتلبية في دبر الصلاة، أي: عقب الصلاة التي كانت سنة الإِحرام، وحيث ينبعث به بعيره أي: يلبي مع رفع الصوت للإِحرام حين تقيمه راحلته، والباء للتعدية استنبط المصنف - رحمه الله تعالى - هذه الترجمة من فعله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين فإذا استوت راحلته أهلَّ


(١) أخرجه: البخاري (١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>