سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك أن أبن عمر كان يُحَرِّك راحلته في بطن محسِّر كَقَدْر رَمْيَة بِحَجَر أي: عملًا بالسنة وفي نسخة: الحجر.
قال محمد: هذا كله وَاسِعٌ، أي: أمره إن شئت حَرَّكْتَ، أي: دابتك أيها المخاطب وإن شِئتَ سِرْتَ على هِينَتك بكسرها وسكون التحتية وفتح النون ففوقية بعدها، أي: السكونة والوقار، فإنه لا يجب عليك شيء والأمران مستويان بل المشية على الهيئة أولى، كما يدل عليه قوله: بَلَغَنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في السِّيْرَيْن أي: سير عرفات إلى المزدلفة وسير من المزدلفة إلى منى جميعًا: أي: تأكيد لهما "عليكم بالسكينة"، حين أفاضَ أي: قال وقت رجوعه من عَرَفَة، وحين أفاضَ أي: رجع من المُزْدَلِفَة أي: إلى منى وهما بيان السيرين، لكن لا يخفى أن هذا المكان بخصوصه مقيد من مطلقه، وقد استحب في المذاهب الأربعة، ويدل عليه حديث جابر حتى أتى بطن محسر فحرك قليل.
لما فرغ من بيان ذكر ما يتعلق ببطن محسر، شرع في ذكر ما يتعلق بالصلاة في المزدلفة، فقال: هذا
* * *
[باب الصلاة بالمزدلفة]
في بيان حكم الصلاة بالمزدلفة، سميت بها لإِجماع الناس فيها ومنه قوله تعالى في (ق ٥٣٢) سورة الشعراء: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}[الشعراء: ٦٤] أي: جمعناهم، وقيل: من الازدلاف بمعنى التقريب، ومنه قوله تعالى في هذه السورة أيضًا:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} الآية [الشعراء: ٩٠]، أي: قربت أو لاقتراب الناس إلى منى بعد الإِفاضة من عرفات، وقيل: لأن حواء أزلفت إلى آدم فيها. كذا في (سلم الفلاح) وفي كتاب (الترجمة): أنه يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في وقت العشاء بالإِجماع فلو صلى كل واحد منهما في وقتها جاز عند مالك والشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة: لا تجوز تلك أي: الصلاة في عرفات أو في طريقها، والمعنى: أنها تفسد فسادًا موقوفًا فيجعل إعادتها عليه في المزدلفة وقت العشاء، إلا أنه لو لم يعدها إلى أن طلع الفجر عادت صحيحة كذا قاله علي القاري.