للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى جنبه، أي: من غير فاصل حقيقي أو حكمي، أو بين يديه، أي: بحيث يقع نظره إليها، إذا نظر إلى مسجده، أو مطلقًا عند حصر مكانه، وهما في صلاةٍ واحدة، أي: وهي مقتدية به أو يُصلِّيان أي: كلاهما مع إمام واحد، فإن كانت أي: محازاتها كذلك أي: بالصف المسطور هنالك فَسَدَتْ صلاتُه، أي: إن نوى الإِمام إمامتها وإلا فصلاتها فاسدة فقط، وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله، وقيد هذه المسألة مطولة في الفروع مفصلة.

لما فرغ من بيان أحكام حال المرأة تكون بين المصلي وقبلته نائمة أو قاعدة، شرع في بيان أحكام صلاة الخوف.

* * *

[باب صلاة الخوف]

في بيان أحكام الخوف وإضافتها إلى الخوف من قبيل إضافة المسبب إلى السبب، والمناسبة بين هذا الباب والباب السابق توسط بين الإِمام وبين القبلة، وتوسط بين الإِمام وبين أهل الحرب، واقتبس المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة النساء: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} الآية [النساء: ١٠٢]. سُميت هذه الصلاة "ذات الرقاع"، لأن أقدام المسلمين نقبت في الجفاء، فكانوا يلفون عليها الخرق، أو لأنهم رقعوا رداءهم فيها، أو لأن أرضها ذات ألوان تشبه الرقاع، كذا قاله الزرقاني.

وهذه الصلاة مشروعة بالكتاب والسنة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قام مقام الناس معه فكبر وكبروا معه، وركع وركع ناس معه، ثم سجد وسجدوا معه، ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا معه، والناس كلهم في صلاة، ولكن يحرس بعضهم بعضًا، رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، وبالإِجماع، قال ابن الهمام (١) (ق ٢٩٠): رُوي أن عليّا رضي الله عنه صلاها بصفين يوم صفين، وصلاها أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه بأصبهان، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في حرب المجوس بطبرستان ومعه الحسين بن علي، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسألها سعيد بن العاص أبا سعيد


(١) الإمام العلامة المحقق، خاتمة علماء الحنفية المحققين المنتسبين إلى المذهب. . (المحقق).

<<  <  ج: ص:  >  >>