حيث قالوا: إن الذهاب من الصفا إلى المروة ومنها إلى الصفا مجموع ذلك شوطًا، كما أن الشوط في الطواف من الحجر إلى الحجر، ويرده قول جابر: فلما كان آخر طوافه على المروة؛ لأن مقتضى قولهم: أن يكون آخر طوافه (ق ٥١١) على الصفا، والفرق بين السعي والطواف أن السعي يتم بالمروة فيكون الرجوع تكرارًا، والطواف لا يتم إلا بالوصول إلى الحجر، كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم السعي بين الصفا والمروة، شرع في بيان حكم الطواف بالبيت راكبًا وماشيًا، فقال: هذا
* * *
٣٩ - باب الطواف بالبيت راكبًا أو ماشيًا
في بيان حكم الطواف بالبيت أي: بالكعبة المكرمة راكبًا أو ماشيًا، المشي واجب إلا لضرورة فيجوز الركوب، فكان الأولى أن يقدم لفظة ماشيًا، كما لا يخفى وقد يقال: قدم لفظة راكبًا لورود الحديث الآتي على صفة الركوب.
٤٧٦ - أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن نَوْفَل الأسدي، عن عروة، عن زينب بنت أبي سَلَمَة، عن أم سلمة زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنها قالت: شكيتُ: فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فقال:"طوفي من وراء الناس، وأنت راكبة"، قالت: فطفتُ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جانب البيت، ويقرأ بـ {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: ١، ٢].
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس للمريض وذي العلة أن يطوف بالبيت، محمولًا، ولا كفارة عليه، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّةِ من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، كان منسوبًا إلى
(٤٧٦) حديث صحيح: أخرجه البخاري (١/ ١٢٥) (٢/ ١٨٨، ١٩٠) (٦/ ١٧٥) ومسلم في الحج (٢٥٨) وأبو داود (١٨٨٢) وأحمد في المسند (٩/ ٢٩٠) والبيهقي في الكبرى (٥/ ١٠١) والنسائي (٥/ ٢٢٣) وابن خزيمة (٥٢٣) (٢٧٧٦).