للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلينا أي: إلى أصحاب أبي حنيفة أن يفي بما جعل على نفسه، فيتصدق بذلك، أي: بما في يده من ماله ويمسك ما يَقُوتُه، أي: ما يكفيه وعياله من القوت ويقويه على الطاعة من غير الفوت فإذا أفاد أي: إذا قبض وأمسك مالًا تصدق بمثل ما كان أمسك، أي: حتى يتصدق عليه أنه تصدق بجميع ما في يده، وإنما يمسكه ما يقوته الضرورات تبيح المحظورات، ولأنه لا يجب عليه في الفور فيمسكه ثم يتداركه إذا كان حيًا أو يوصي به إذا حضره الموت، لئلا يقع الفوق وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.

لما فرغ من بيان حكم حال من جعل ماله بباب الكعبة، شرع في بيان حكم حال الرجل حلف باللغو، فقال: هذا

* * *

[باب اللغو في الأيمان]

في بيان حكم اللغو في الأيمان سميت به؛ لأنها لا يعتد بها؛ فإن اللغو اسم لما لم يفد شيئًا يقال: لغى رجل إذا أي: شيء لا فائدة فيه كذا قاله التمرتاشي في (منح الغفار) وجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق أن لا يلزمه شيء على من حلف باللغو، ولا على من قال: ما لي لباب الكعبة، فإن الباب ليس من شأنه أن يكون مالكًا حتى يوجد التمليك والتملك عند مالك، واستنبط المصنف رحمه الله هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٥].

٧٥٦ - أخبرنا مالك، أخبرنا هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: لغو اليمين: قول الإِنسان: لا والله، وبلى والله.

قال محمد: وبهذا نأخذ، اللغو: ما حلف عليه الرجل، وهو يرى أنه حقّ فاستبان له بعدُ أنه على غير ذلك، فهذا من اللغو عندنا.


(٧٥٦) إسناده صحيح، أخرجه الشافعي في الأم (٧/ ٦٣)، باب لغو اليمين، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>