أجمع الأئمة على أن الرجل إذا جامع امرأته، والتقى الختانان فقد وجب الغسل عليهما، وإن لم يحصل الإنزال، كما قاله علي القاري.
فإن قيل: ما الحكمة فى الأمر بالختان، ولأي معنى سره؟
الجواب: قيل: للتطهر؛ لأنه يوجب المحبة الإِلهية، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢]، فيحصل الاحتراز من البول بالختان.
وقيل: أمر بذلك لأنه وضع على عضو عبارة، وعلامة يعرف بها، فوضع على القلب التوحيد، وعلى اللسان: الشهادة، وعلى الوجه: الوضوء، وعلى الجبين: السجدة، وعلى الرأس: المسح، وعلى الشفة: قص الشارب، وعلى الأصابع: تقليم الأظافر، وعلى العانة حلقها، وعلى الإِبط: نتفها، وعلى الذكر: الختان.
وقيل: في الختان خواص، منها: نضارة الوجه، ونماء البدن كالشجر إذا انقطع فضله، وغصنه الزائد، ويحصل لها النماء.
فإن قيل: ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أول من اختتن إبراهيم عليه السلام"، وفي الخبر: ولد الأنبياء عليهم السلام مختونين؟
الجواب: أقول: إنه عليه السلام ولد مختونًا، ولكنه ختن نفسه، ليقتدي به؛ لأنه مقتدى الأمم، ومتبوع الملل، كما في (خواتم الكلم).
لما فرغ من بيان ما يوجب الطهارة الكبرى، شرع ما يوجب الطهارة الصغرى، فقال: هذا
* * *
[باب في بيان حال الرجل ينام هل ينقض ذلك - أي: النوم - وضوءه؟ الرجل والمرأة في هذا الحكم سواء]
عبَّر المصنف، رحمه الله، بذلك عن النوم إشارة إلى أن النوم خصلة تبعد صاحبها عن القرب الإلهية. والوضوء خصلة تقرب صاحبها إلى رحمة رب العالمين، فيلزم للرجل الكامل أن يستيقظ من نومة الغافلين.