الطيبي: الرأس هنا مجاز عن آخر السنة كقولهم: رأس الآية أي آخرها فأقام بمكة أي: بعد البعثة عشر سنين، أي: بوصف الرسالة وثلاث عشرة سنة بوصف النبوة التي هي أعم وبالمدينة عشر سنين أي: رسولًا نبيًا باتفاق المؤرخين وتوفاه الله على رأس ستين سنة، أي: بناه على إسقاط الكسر وإلا فالجمهور على أن عمره صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث وستون سنة، وقيل: خمس وستون ووجه مع سن الولادة والوفاة فلا منافاة وليس في رأسه أي: في شعره ولحيته عشرون شعرة بيضاء بل أقل هو نصف عشر، والحكمة في قلة شيبه - صلى الله عليه وسلم - مع ما ورد من قوله:"من شاب شيبة في الإسلام كانت له نور يوم القيامة" أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب النساء وهن يكرهن بالطبع والحديث رواه الترمذي في أول (الشمائل).
لما فرغ من بيان ما يتعلق بصفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، شرع في بيان ما يتعلق بقبره، فقال: هذا
* * *
باب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يُستحب من ذلك
قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يستحب من ذلك أي: من الزيارة به والصلاة والسلام والدعاء هنالك.
٩٤٨ - أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر كان إذا أرادَ سفرًا، أو قدم من سفر جاء قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فصلى عليه، ودعا ثم انصرف.
قال محمد: هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة: يأتي قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
• أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما كان أي: من دأبه إذا أرادَ سفرًا، أي: إن شاءه وقصد وداع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قدم أي: إذا رجع وجاء من سفر أي: وقصد سلام القوم عليه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - حتى في قبره كما هو العقد في المعتقد جاء قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: قريبه فصلى عليه، أي: بعد التسليم بأن قال: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله ودعا أي: الله وتوسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابتغاء رضاه ثم انصرف أي: عن قبره قبر ضجيعيه وسلم على كل واحد منهما ودعا لديه ولعل هذا بيان الزيارة الإِجمالية حال العجلة، وأما في وقت السعة فإذا بها كثيرة كما بينت في (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح).