قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر ثم عثمان حتى وقع منه في بير أريش.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر لا ينبغي أي: لا يحل للرجل أن يتختم بذهبٍ لما سبق وعليه الأربعة ولا حديد ولا صُفْر، بضم فسكون أي: النحاس وقيل: أجوده، لما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (١) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم من حديد فقال:"مالي أرى عليك حلية أهل النار"، ثم جاءه وعليه خاتم من شبة فقال لي:"ما أجد منك ريح الأصنام"، فقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذ؟ قال:"اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالًا" ولا يتختم إلا بالفضة، أي: ونحوها مما أبيح لبسها كالعقيق ونحوه فأما النساء فلا بأس بتختم الذهب لهن لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، وقد أخذ ذهبًا في يد وحريرًا في يد:"هذان حرامان على ذكور أمتي وحل لإناثها".
لما فرغ من بيان حكم التختم من الذهب للذكور، شرع في بيان حكم حلب الماشية للغير بغير إذنه.
* * *
باب الرجل يمر على ماشية الرجل فيحتلبها بغير إذنه وما يُكره من ذلك
في بيان ما يتعلق بحكم حال الرجل يمر على ماشية الرجل، والماشية: المال من الإِبل والغنم، قال ابن السكيت: وبعضهم جعل البقر من الماشية كذا في (المصباح) فيحتلبها بغير إذنه وما يكره أي: وما يحرم كما في نسخة له أي: للمار بذلك أي: الاحتلاب وهو استخراج ما في الضرع من اللبن كالحلاب بالكسر، والحلب بفتح الحاء المهملة وسكون اللام ويحرك. وفي (النهاية) حديث: "لا تسقوني حلب المرأة"؛ لأن حلب المرأة عيب عند العرب، فإن النساء إذا حلبن ربما أخذهن البول ولسن مثل الرجل يتمسحن بالأرض، فربما يتمسحن بثوبها أو بيدها، ثم ترجع إلى الضرع وفي يدها شيء من النجاسة فلذا تنزه
(١) أخرجه: أبو داود (٤٢٢٣) والترمذي (١٧٨٥) والنسائي (٥١٩٥) وأحمد (٦٤٨٢).