لما فرغ من بيان عدم لزوم الوضوء على حامل الميت ومحنطه، وعدم لزوم الاغتسال على غاسله، شرع في بيان حكم حال الرجل تدركه الصلاة على الجنازة، فقال: هذا
* * *
[باب الرجل تدركه الصلاة على الجنازة وهو على غير وضوء]
في بيان حكم حال الرجل تدركه من باب الأفعال، أي: تبلغه الصلاة التي تُصلى على الجنازة، إسناد فعل الإِدراك إلى الصلاة فجاز في الطرف وهو المسند إليه، وهي مجاز عقلي، وهو إسناد الفعل أو معناه إلى غير فاعل الفعل، إذا كان الفعل مبنيًا للفاعل أو إلى غير المفعول به، إذا كان مبنيًا للمفعول، فإن العقل إذا خلى بنفسه بعد قيام فعل الدرك بالصلاة محالًا؛ فإن فعل الدرك (ق ٣٣٠) فعل الرجل لا فعل الصلاة، كما قال تعالى في أول سورة الأنفال:{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال: ٢]، أي: إذا قرأت آيات الله على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زادتهم إيمانًا، أسند الزيادة وهي فعل الله تعالى إلى الآيات لكونها سببًا؛ وكذلك هنا، فإن الصلاة على الجنازة سبب الإِدراك، فيكون إسناد الدرك إلى الصلاة من قبيل إسناد الفعل إلى سببه، وإن شئت تفصيله فارجع إلى الإِسناد الخبري من (شرح تلخيص المفتاح)، وهو أي: والحال أن الرجل الذي يدرك صلاة الجنازة على غير وضوء اتفقوا على أن من شرط صحة الصلاة على الجنازة الطهارة، قال الشعبي ومحمد بن جرير الطبري: تجوز بغير طهارة؛ لأنها دعاء واستغفار، فيجوز بلا طهارة، ووافقه إبراهيم بن علية، وهو ممن يرغب عن كثير، وهذا مذهب شاذ.
٣١٦ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: لا يصلي الرجل على جنازة إلا وهو طاهر.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي أن يصلي على الجنازة إلا طاهر، قال: فإن فاجأته وهو على غير طُهُورٍ تَيَمَّمَ وصلى عليها، وهو قولُ أبي حنيفة.