للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتخيير، وذلك إشارة إلى الحمل، والتحنيط والغسل على سبيل المناوبة، والمناسبة بين هذا الباب والباب السابق ظاهرة.

٣١٥ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع: أن ابن عمر حنط ابنًا لسعيد بن زيد، وحمله، ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ.

قال محمد: وبهذا نأخذ، لا وضوءَ على من حمل جنازة، ولا على من حَنَّطَ ميتًا أو كَفَّنَهُ، أو غَسَّلَهُ، وهو قولُ أبي حنيفة.

• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، يعني منسوب إلى ملك ذي أصبح من ملوك اليمن، كان من أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا وفي نسخة: أخبرني بالإِفراد، نافع، المدني، مولى ابن عمر، أن ابن عمر رضي الله عنه حنط أي: جعل الحنوط ابنًا لسعيد بن زيد، يكنى أبا الأعور العدوي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قديمًا وحضر المشاهد كلها، وكانت فاطمة أخت عمر تحته بسببها كان إسلام عمر ومات بالعقيق، فحمل إلى المدينة، ودفن بالبقيع سنة إحدى وخمسين، وحمله، أي: حمل ميته، ثم دخل المسجد أي: المسجد المعد للجنازة أو مسجد المدينة، أو غيرها والله أعلم. فصلى ولم يتوضأ، وهذا دليل صريح على أنه من حمل الجنازة أو غسلها أو أعانها لا يلزم عليه الوضوء.

قال محمد رحمه الله: وبهذا أي: بعمل ابن عمر نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، لا وضوءَ على من حمل جنازة، ولا على عن حَنَّطَ ميتًا أوكَفَّنَهُ، أي: لف الكفن على الميت، أو غَسَّلَهُ، وهو أي: عدم لزوم الوضوء على هؤلاء قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، فما أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "مَنْ غسَّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ"، محمول على الاحتياط أو على من لا يكون له


(٣١٥) صحيح، أخرجه: مالك (٤٨).
(١) أخرجه: أبو داود (٣١٦١)، والترمذي (٩٩٣)، وأحمد (٩٥٥٣)، وابن حبان (١١٦١)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٥٥)، والبيهقي في الكبرى (١٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>