للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى في سورة الأنعام: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: ١٣٩]، وأُجيب بأن الحديث لا دليل فيه على الحرمة لاحتمال أكل مصدر مضاف إلى الفاعل، فيكون كقوله تعالى في سورة المائدة: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: ٣]، وقال ابن عبد البر: إن النهي أن تنظر إلى ما ورد فيه، فإن ورد على ملكك فهو نهي إرشاد كالأكل بالشمال وأخذ الكتاب به، والاستنجاء باليمين، وما ورد غير ملكك فهو على التحريم كالشفاء، وعن قليل ما أُسكر كثيره، وعن بيع حبل الحبلة، واستباحة الحيوان من هذا القسم، قال: وحمل النهي عن التنزيه ضعيف لا يعضده دليل صحيح. انتهى، وهو على اختياره ترجيح التحريم، كذا قاله الزرقاني (١).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه عبيدة بن أبي سفيان بن الحارث الحضرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، يكره أي: يحرم أكل كُلّ ذي نابٍ من السباع، وكلِّ ذي مِخْلب من الطير، لما روى أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير، ويكره أي: يحرم من الطير أيضًا أي: كما يحرم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير ما أكل الجيفَ بكسر ففتح جمع جيفة، وهي: النجاسة، مما له مِخلب، أو ليس له مخلب، أي: هما سيان، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وقول إبراهيم النَّخَعي.

لما فرغ من بيان حكم الصيد الذي يكره أكله من كل ذي ناب ومخلب، شرع في بيان حكم الضب، فقال: هذا

* * *

[باب أكل الضب]

باب في بيان حكم أكل الضب، بفتح الضاد المعجمة، وتشديد الموحدة دويبة معروفة بأرض اليمن وأرض نجد، ولم تكن بأرض الحجاز، يقال لها باللسان التركي: (كلي)، وإنما سميت ضبًا لقربها (ق ٦٧٠) إلى الأرض؛ لأن الضب في الأصل الالتصاق


(١) في شرحه (٣/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>