للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: وبهذا نأخذ، يكره أكل كُلّ ذي نابٍ من السباع، وكلِّ ذي مِخْلب من الطير، ويكره من الطير أيضًا ما أكل الجيفَ مما له مِخلب، أو ليس له مخلب، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وقول إبراهيم النَّخَعي.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: قال: ثنا، حدثنا إسماعيل بن أبي حكيم القرشي مولاهم المدني، ثقة، كان في الطبقة السادسة، من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين ومائة بعد الهجرة، عن عَبَيْدة بفتح العين المهملة وكسر الموحدة، ابن سفيان بن الحارث الحضرمي، أي: منسوب إلى حضرموت المدني التابعي الثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين، من أهل المدينة، مات بعد المائة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أكل كل ذي نابٍ من السباع حرام".

(ق ٦٦٩) فذكره بلفظ حديث أبي ثعلبة الخشني على رواية يحيى، وهو نص في حرمة الحيوان المفترس، ورواه مسلم من طريق ابن مهدي، وابن وهب عن مالك به، قال مالك: وهو الأمر المعمول به عندنا بالمدينة، قال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم، وعن بعضهم لا يحرم، وظاهر مذهب (الموطأ) التحريم.

ورواه ابن وهب وابن عبد الحكم عن مالك نصًا، ورجحه ابن عبد البر، وقيل: مكروه عملًا على الكراهة، ولفظ حرام شذ به يحيى عن رواية (الموطأ) في حديث أبي ثعلبة لكنهم اتفقوا على لفظ حرام في حديث أبي هريرة، فيُحمل على المنع الصادق على الكراهة، وهو المشهور في المذهب، كما قال ابن العربي وغيره، وظاهر المذهب لقول مالك فيها: لا أحب أكل السبع والثعلب والذئب والهرة الوحشي والإنسي ولا شيء من السباع، والقول الثالث لأصحاب مالك المدنيين الفرق بين ما يعدو كالأسد والنمر فيحرم، وبين ما لا يعدو كالضبع والهرة والثعلب والذئب فيكره، نقله عنهم ابن حبيب، ووجه المشهور قوله تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية [الأنعام: ١٤٥]، فإنه يدل على عدم غير ما فيها لكن نفي الحرمة لا يقتضي الحل عينًا، بل يحتمل الكراهة أيضًا، فاحتيط بذلك، وتعقب بأن الآية مكية، وحديث التحريم بعد الهجرة باتفاق، وبأنها خرجت مخرج الرد على شيء خاص وهو ما حكى الله عنهم بقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>