للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي البخاري (١) ومسلم (٢) وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجته قال لأم سنان الأنصارية: "ما منعك من الحج؟ " قالت: كان لنا ناضحان، أي: ناقتان فركب أبو فلان؛ أي: زوجها وابنها على إحديهما والآخر ينبغي أرضا لنا قال: "فإذا كان رمضان فاعتمري فيه، فإن عمرة في رمضان تعدل في حجة معي"، والظاهر أن المراد بهذه العمرة أن تكون إفاقية، ولهذا لم تجوِّز الحنبلية غيرها، وأما عند الحنفية والشافعية فيحتمل أن تكون شاملة لعمرة إفاقية ومكية فيستحب إنهاؤها لأهل مكة إلا أن المالكية يقولون بكراهة العمرة زيادة على المرة في كل سنة، فعلى هذا صرف الأوقات إلى الطواف أفضل من تعدد العمرات للمكي ومن بمعناه، إذ الأولى استحبابه مجمع عليه، بخلاف الثاني لاختلاف وقع فيه المقصود باللذات، وهو الطواف في ذلك المقام، وإنما الإِتيان بالإِحرام وسيلة إلى ذلك المرام. كذا قاله الزرقاني وعلي القاري.

لما فرغ من بيان فضل العمرة في شهر رمضان، شرع في بيان المتمتع، فقال: هذا

* * *

[باب المتمتع ما يجب عليه من الهدي]

بالتنوين على أنه مرفوع خبر لمبتدأ محذوف، كما قدرناه المتمتع بصيغة اسم الفاعل من التمتع، وهو في اللغة الانتفاع أو النفع وفي الشرع المتمتع هو الذي يحرم بعمرة من الميقات في أشهر الحج، ويطوف بالبيت للعمرة، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ويحلق رأسه أو يقصر للخروج من الإِحرام إن شاء أو بقي محرمًا حتى يحرم للحج، ويتحلل من الإِحرامين يوم النحر إن لم يسق الهدي، وإن ساقه لا يتحلل إلى أن يبلغ يوم النحر كما قال ما أي: من يجب عليه من الهدي، فالمتمتع مرفوع مبتدأ وكلمة ما موصولة أو موصوفة، ولفظ يجب خبره، ومن الهدي مرفوع الحل على أنه فاعل يجب، فمن زائدة وإنما آثر المصنف ذكر كلمة ما على من الموضوعة لذي العلم المناسب بهذا المقام لإِرادة معنى الوصفية هو معنى اسم الفاعل؛ الذي هو المتمتع، فإن كلهم ما تستعمل في الصفات، فإذا أردت أن


(١) البخاري (١٧٦٤).
(٢) مسلم (١٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>