للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول أبو بكر بن عبد الرحمن المخزومي اسمه عبد الله كان صدوقًا، في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة: كذا في (التقريب) (١) جاءَت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني كنتُ تجَهَّزْتُ للحجّ أي: هيئات ما لزم في طريق الحج وأردته، فاعْتُرِضَ لي، بصيغة المجهول أي: فحصل لي عارض كان مانعًا من خروجي، وفي بعض طرقه: فأصابتنا هذه القرحة الحصبة أو الجدري كذا ذكره السيوطي فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اعتمري في رمضان، فإنَّ عُمْرةً فيه كحِجَّة" أي: أن ثواب العمرة في رمضان كثواب الحج المبرور، كما روى مالك في (موطئه) عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلى الجنة"، وفيه أن أعمال البر قد تفضل بعضها على بعض في أوقات، وأن الشهور بعضها أفضل من بعض والعمل في بعضها أفضل من بعض، وأن شهر رمضان بما يتضاعف فيه عمل البر وذلك دليل على عظم فضله، وأن الحج أفضل من العمرة، لما فيه من زيادة المشقة والعمل، لأم طليق قصة مثل هذه أخرجها ابن السكن وابن منده في (الصحابة) والدولابي في (الكنى) من طريق ابن حبيب أن أبا طلق حدثه أن امرأته أم طليق قالت له وكان له جمل يغزو عليه وناقة يحج عليها: أعطني جملك أحج عليه قال: جملي حبس في سبيل الله فقالت: إن الحج في سبيل الله قالت: فأعطني الناقة وحج أنت على الجمل قال: لا أوثرك على نفسي من نفقتك قال: ما عندي فضل غنى وعن عيالي ما أخرج به وما أترك لكم قالت: إنك لو أعطيتني أخلفه الله، فلما أبيت عليها قالت: إذا لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقرئه مني (ق ٤٨٦) السلام وأخبره بالذي قلت لك، فأتيته فأقرأته السلام منها، وأخبرته بما قالت فقال: "صدقت أم طليق لو أعطيتها الجمل لكان في سبيل الله، ولو أعطيتها الناقة لكانت وكنت في سبيل الله، ولو أعطيتها من نفقتك لأخلفها الله" وسألته ما يعدل الحج؟ قال: "عمرة في رمضان"، وسنده جيد.

قال الحافظ: وزعم ابن عبد البر أن أم معقل هي أم طليق لها كنيتان، وفيه نظر؛ لأن أبا معقل مات في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن أبا طلق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب، وهو من صغار التابعين فدل على تغاير المرأتين، ويدل عليه تغاير السياقين أيضًا.


(١) التقريب (١/ ٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>