للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة؛ لأنها روت قول سعد أفأتصدق عنهما فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" كما مر، والعتق من أفضل أنواع الصدقة، ومرت رواية: "أعتق عن أمك فلعلها سمعت ذلك".

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه يحيى بن سعيد لا بأس أي: يجوز أن يعتق عن الميت، بصيغة المجهول فإن كان أوصى بذلك أي: بأن يعتق بعض مماليكه كان الولاءُ له، وإن كان لم يوص بذلك كان الولاءُ لمن أعتق، أي: إذا كان مملوكًا له ويلحقه أي: من أعتق له الأجر أي: زجر الإِعتاق إن شاء الله تعالى وفيه دلالة على أن أحدًا لا يعمل خيرًا إلا بتوفيق الله ولا شرًا إلا بخذلانه فله الفضل والحق عليكم بإعتاق العبد وإن لم يشأ الله إعتاقكم به لم تعتقوا فإعتاقكم به ونيلكم الأجر بمنه وفضله، ولا يلزم منه استقلال العبد، كما يدل عليه المعتزلة؛ لأن قدرة العبد كاسبة لا مؤثرة تأثير الإِيجاد كما فصلناه في (نور الإِيضاح الأفئدة) في تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] وإنما استثنى؛ لأنه لم يقع عن وصيته، كما تقول في باب الإِيصاء في الحج وعدمه.

لما فرغ من بيان ما يتعلق بحكم حال الرجل يعتق نصيبًا له من مملوكه أو يسيب سائبة أو يوصي بعتق، شرع في ذكر ما يتعلق بحكم بيع المدبر، فقال: هذا

* * *

[باب بيع المدبر]

في بيان حكم بيع المدبر، وهو في اللغة: مطلق المبادلة، وفي الشرع: مبادلة المال المتقوم تمليكًا وتملكًا. كذا قاله السيد الشريف محمد الجرجاني، المدبر بضم الميم وفتح الدال المهملة وفتح الدال وفتح الموحدة المشددة، ثم راء عبد مملوك أعتق بعد موت سيده، فالمدبر لا يباع ولا يوهب، ولا يخرج عن ملك مولاه إلا الحرية، اقتبس المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥]، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق إخراج المال عن الملك.

٨٤٣ - أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الرِّجال: محمد بن عبد الرحمن، عن


(٨٤٣) إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>