قال محمد: وبهذا أي: بما رواه طاوس عن معاذ بن جبل نأخذ أي: نعمل، قوله: ليس في أقل من ثلاثين من البقر زكاة، بيان بما رواه طاوس، وهذا مما لا خلاف فيه، فإذا كانت وفي نسخة: فإذا بلغت، أي: البقرة ثلاثين ففيها تبيعٌ أو تَبيعَةٌ، والتَّبيع: الجَذعَ وهو بفتح الجيم والذال المعجمة أتى عليه أكثر السنة الحَوْلِي أي: إذا كمل السنة وشرع في السنة الثانية، إلى أربعين، فإذا بلغت أي: بقرة أربعين عددًا ففيها مُسِنَّة، يعني: أو خمس إلى ستين، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله، أي: في رواية أسد بن عمرو، عنه، وقولهما في رواية الحسن عنه، وهو المذكور في المتون، أي: فيما يزاد نحسب إلى ستين، وفي رواية الحسن عنه أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ إلى خمسين ففيها مسنة وربع مسنة أو ثلاث تبيع، والعامة، أي: هو قول جمهور الفقهاء كمالك والشافعي وأحمد، حيث إنهم ذهبوا إلى أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ ستين.
لما ذكر ما يتعلق بزكاة البقر، شرع في ذكر ما يتعلق بالكنز، فقال: هذا
* * *
[باب الكنز]
في بيان حكم الكنز، وهو ما يضع صاحبه في الأرض ويدفنه، أم لا وأريد به ما يجمعه مطلقًا كما أشير إليه بقوله تعالى في سورة التوبة:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة: ٣٤]، فما فيه من سمة الكفر خمس وما فيه من سمة الإِسلام فكاللقطة، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الأبواب السابقة هو النجاة، إذا أدى ما يلزم عليه، والهلاك إذا لم يؤد ما لزم عليه من الزكاة لما قال جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها وأخفافها، وما صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت، وقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، ليس فيها جراء ولا منكسر (ق ٣٦٠) قرنها، ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعًا أقرع يتبعه فاتحًا فاه، فإذا أتاه فر منه فيناد به، خذ كنزك الذي خبأته عني، فإذا أرى أن لا بد له