أبواب الحدود في الزنا؛ وهي جمع باب، وهو في اللغة: النوع، وفي العرف نوع من المسائل التي اشتملت عليها الكتاب، وإضافتها إلى الحدود من قبيل إضافة العام إلى الخاص، والحدود جمع حد، وهو في اللغة: المنع، ولهذا يسمى لمنعه الناس من الدخول، وفي الشرع: عقوبة مقدرة واجبة حقًا لله تعالى، فلا يُسمى التعزير حدًا؛ لأنه غير مقدر، وإنما قال: الحدود إشعارًا بأنواع الحدود كحد القذف، وحد شرب الخمر، والزنا، لكنها مخصوصة في حد الزنا، كما قيدها بقوله: في الزنا، أي: الزنا بالقصر عند أهل الحجاز، وبالمد عند أهل نجد وطيئ، مكلف من قبل مشتهاه، خالية عن مالك وشبهة، وتثبت الزنا أربعة من الرجال في مجلس واحد بالزنا، فيسألهم الإِمام عن الزنا ما هو؟ وكيف هو؟ وأين زنى؟ ومتى زنى؟ وبمن زنى؟ فإن بيَّنوه وقالوا: رأينا وطئها في فرجها كالميل في المكحلة وعدلوا سرًا وعلنًا، حكم الإِمام بالزنا، كذا في (غرر الأحكام).
وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق التناول بحق الغير بسرعة.
لما فرغ من تعريف الحدود لغة وشرعًا، شرع في بيان الرجم، فقال: هذا
[باب الرجم]
باب الرجم في بيان ما يوجب الرجم، وهو بفتح الراء المهملة وسكون الجيم: الرمي بالحجارة والقتل به، يقال: رجمه أرجمه رجمًا من الباب الأول، كما قاله محمد الواني في ترجمة (صحاح الجوهري)، ويقال: رجم الزاني بالحجارة في قضاء حتى يموت فيقتل ويكفن ويصلى عليه؛ لما روى ابن أبي شيبة في (مصنفه) في كتاب الجنائز عن أبي معاوية، عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة قال: لما رجم ماعز رضي الله عنه قالوا: يا رسول الله، ما نصنع به، قال:"اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل والكفن والحنوط والصلاة عليه".
وروى الجماعة إلا البخاري من حديث عمر أن ابن حصين رضي الله عنه أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حُبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله أصبت حدًا فأقمه عليَّ،