أجمعا على أن الجدات الصحيحات المتحاذيات يتشاركن في السدس بالسوية، وذهب ابن عباس إلى أن الجدة أم الأم مقام عند عدمها فتأخذ الثلث إذا لم يكن للميت ولد ولا أخوة والسدس إذا كان له أحدهما، كما أن الجد أب الأب يقوم مقام الأب عند عدمه ثم إن الأم لا يزاحمها في فريضتها أحد من الجدات فكذلك أم الأم لا يزاحمها أحد منهن، ورَّد بأن الأولاد بالأنثى ليس سببًا لاستحقاق المدلي فريضة للمدلي به كبنات البنات وبنات الأخوات لكما تركن هذا القياس في الجدات بالسنة، ولم يرد فيها ما زاد على السدس فاكتفيا به والله أعلم. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بميراث الجد والجدة شرع في بيان ما يتعلق بميراث العمة، فقال: هذا
* * *
[باب ميراث العمة]
في بيان ما يتعلق ميراث العمة والخالة ونحوهما من ذوي الأرحام، وهم من لا سهم له وليس بعصبية وأكثر الصحابة أنهم يرثون عند عدم أصحاب الفرائض والعصبات منهم: عمر وعلي وابن مسعود وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهم في رواية عنه مشهورة وغيرهم، وتابعهم في ذلك من التابعين علقمة والنخعي وشريح والحسن البصري وابن سيرين وعطاء ومجاهد وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر، ومن وافقهم.
وقال زيد بن ثابت وابن عباس في رواية شاذة: عنه لا ميراث لذوي الأرحام، ويوضع المال في بيت المال وبه قال مالك والشافعي واحتجوا بأنه تعالى ذكر في آيات المواريث نصف ذوي الفرائض والعصبات، ولم يذكر لذوي الأرحام شيئًا ولو كان لهم حق لبينه وما كان ربك نسيًا، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - لما استجر عن ميراث العمة والخالة قال:"أخبرني جبريل أن لا شيء لهما"، ولنا قوله تعالى في سورة الأنفال:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية [الأنفال: ٧٥] أي: أولي (ق ٧٦١) ميراث بعض فيما كتب الله وحكم به؛ لأن هذه الآية نسخت التوارث بالموالاة، كما كان في ابتداء قدومه - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فما كان لمولى الموالاة والمؤاخاة في ذلك الزمان صار مصروفًا إلى ذوي الرحم وما