وقال مالك: أول من استقضى معاوية، وهذا رواه أصحاب السنن من طريق مالك وغيره.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل بما قضى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا اجتمعت الجدّتان: أم الأم وأم الأب فالسدس بينهما، أي: بالسوية وإن خلت به أي: انفردت بالسدس إحداهما فهو لها، فورثة من مات وترك أم أمه وأباه وأم الأب فالقسمة التركة تكون من ستة: سهم واحد منها لأم الأم، وخمسة أسهم لأبيه ولا شيء لأم الأب؛ لأن الأب يحجب الأجداد والجدات الذين من قبله ولا ترث معها أي: مع كل واحدة من الجدتين جدةٌ فوقَها، أي: مطلقًا سواء كانت الفوقية أم الجد أو أب الجد؛ لأن الجد يحجب من جانبه جدتيه، كما أن أب الميت يحجب من جانبه جدتيه عن ميراث ابنه وهو أي: إصابة السدس للجد فقط قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا وإنما قال: من فقهائنا، ولم يقل من علمائنا إشعارًا بأن المراد بالفقهاء جميع العلماء والحنفية كما أفاد مراده بقوله: والعامة، وهي تطلق بإزاء معظم (ق ٧٦٠) الشيء وبإزاء جميعه وهو الثاني هنا، كما أراد الخطاب بعامة الفقهاء الكل كما قاله عبد الرحيم بن الحسين العراقي في (شرح الألفية من أصول الحديث).
ثم اعلم أن للجدة السدس لأم كانت أو لأب واحدة كانت أو أكثر متحاذيات في الدرجة، كأم أم الأم وأم أم الأب؛ لأن القربى يحجب البعدى، أما إعطاء الجدة الواحدة السدس فلما رواه أبو سعيد الخدري ومغيرة بن شعبة وقبيصة بن ذؤيب من أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس، وأما التشريك بينهما في ذلك إذا كن أكثر متحاذيات، فلما روى أن أم الأم جاءت إلى الصديق، وقالت: اعطني ميراث ولد ابنتي فقال: اصبري حتى أشاور أصحابي، فإني لم أجد لك في كتاب الله نصًا، ولم أسمع قبل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ثم سألهم فشهد المغيرة بإعطاء السدس، فقال: هل معك أحد فشهد به أيضًا محمد بن مسلمة، فأعطاه ذلك، ثم جاءت أم الأب وطلبت الميراث، فقال: أرى أن في ذلك السدس بينكما، وهو لمن انفردت منكما فيه فشركتما فيه.
وفي رواية أخرى: أن أم الأم جاءت إلى عمر، وقالت: أنا أولى الميراث من أم الأب؛ إذ لو ماتت لم يرثها ولد ولدها ولو مت لورثني ولد ولدي فقال: هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها فحكم بالتشريك بينهما فقد