فائدة لطيفة: حُكي أن هارون الرشيد خرج ذات يوم للصيد، فأرسل شاهينًا له، فغاب زمانًا ثم أتى وفي فمه سمكة، فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك، فقال مقاتل بن سليمان: يا أمير المؤمنين روينا عن جدك خير الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: الجو محمود ومملوء بأمم مختلفة الخلق، وفيه دواب تبيض بيضة وتفرخ فرخًا على هيئة السمك، ولها أجنحة ليست بذوات ريش، فأجاز مقاتل بن سليمان بجوائز سخية على ذلك الخبر، كذا نقله السيوطي عن (حياة الحيوان).
لما فرغ من بيان حكم السمك، شرع في بيان حكم الجنين إذا ذبح أمه، فقال: هذا
* * *
[باب ذكاة الجنين ذكاة أمه]
باب في بيان حكم ذكاة الجنين، والذكاة بالذال المعجمة: الذبح، والجنين بفتح الجيم وكسر النون بينهما تحتية: هو ولد ما دام في بطن أمه، وهي مبتدأ مضاف إلى الجنين كإضافة غلام زيد، وخبره: ذكاة أمه، يعني: إذا كان لرجل شاة وفي بطنها ولد فذبح أمه، ثم خرج الولد ميتًا حل أكله كما حل أكل السمك الذي مات بسبب خروجه من الماء.
ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق الذبح الحكمي.
٦٥١ - أخبرنا مالك، أخبرنا نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نُحرت الناقة فذكاة ما في بطنها ذكاتُها إذا كان قد تمّ خَلقه ونبت شعره، فإذا خرج من بطنها ذُبح حتى يخرج الدمُ من جوفه.
• أخبرنا مالك, وفي نسخة: قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا نافع، أي: عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة فقيه، ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة، أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نُحرت الناقة فذكاة ما في بطنها أي: في الولد، ذكاتُها أي: يقوم مقامها؛ لأنه جزء فذكاتها ذكاة لجميع أجزائها، إذا كان قد تمّ خَلقه بفتح الخاء المعجمة وسكون القاف، أي: أجزائه